ولكن يعزّ عليّ وعليك أن تنهزم دار العلوم بعد أن صنعت في التاريخ الحديث ما لم يصنع الأزهر ولا الجامعة المصرية، مع الاعتراف بفضل هاتين الجامعتين العظيمتين
يعزّ عليّ وعليك يا دكتور أن ينهزم معهد كان من رجاله أساتذتي وأساتذتك. أنت تعرف يا دكتور أن كلية الآداب انتفعت بأساتذة دار العلوم
وتعرف يا دكتور أن كلية اللغة العربية انتفعت بأساتذة دار العلوم. فأرجوك باسم الأدب العالي أن تذكر ذلك المعهد بكلمة رثاء يوم يموت!
أيها الأستاذ الجليل
في كتابك كثير من مواطن القوة، ولكن يعوزه المنطق أنت تتحسر أشد التحسر على الفرصة التي ضاعت على دار العلوم في الانضمام إلى الأسرة الجامعية
ولكنك نسيت أن سلامة دار العلوم هي في البعد عن تلك الأسرة الجامعية. وأنت نفسك تذكر أنك قلت غير مرة إنك لا تفهم أن يكون في الجامعة باب يُغلق بعد ابتداء الدرس
فما رأيك إذا حدثتك بأن دار العلوم معهد لا يقل خطراً عن المدرسة الحربية، وأن من الواجب أن يراعى فيه نظام المواظبة بالثواني لا بالدقائق؟
ما رأيك إذا حدثتك بأن طلبة دار العلوم يجب أن يُراضوا على الأنظمة العسكرية فلا يعرفوا من الحرية الشخصية ما يعرف أمثالهم في كلية الآداب؟ يجب أن يكون مفهوماً بيني وبينك أننا لا نفكر في منافعنا الذاتية، فأنا أدفع ما يتهمك به خصومك من حب السيطرة على أكبر عدد ممكن من المعاهد
وإذاً يكون من المنفعة الوطنية أن نفكر جميعاً في إعداد معلم اللغة العربية إعداداً فنياً، لا جامعياً، فإن لم تكتف بذلك فلا بأس من أن تقترح أن يظفر مدرس اللغة العربية بدرجة جامعية بعد التخرج في دار العلوم على الأساليب التعليمية
وتجاريبي في التفتيش أقنعتني بصحة ما أقول، فقد لاحظت أن المدرسين المتخرجين في كلية الآداب يتفوقون في أشياء ويقصرون في أشياء، كما لاحظت أن المتخرجين في دار العلوم يتفوقون في أشياء ويقصرون في أشياء، ولذلك تفصيل يضيق عنه هذا الحديث، فإن أمكن أن يجمع مدرس اللغة العربية بين المزيتين كان لذلك أثر بالغ في تكوين الجيل الجديد