فرنسا من المذابح التي سالت فيها الدماء أنهاراً بين الكاثوليكيين ودعاة الإصلاح الذين اعتبروهم ملاحدة خرجوا على الدين.
ولسنا في حاجة لذكر ما كان من محاكم التفتيش في أسبانيا النصرانية، وما أنزلته بالأبرياء من عذاب لا لشيء إلا حداً من حرية الدين والفكر، ولا لما كان من تعذيب بعض سادات قريش وغير قريش في الجاهلية لبعض الذين هداهم الله للإسلام ليعودوا مشركين. لسنا في حاجة لذكر هذا وأمثاله لنتبين كيف كانت عقلية الناس حتى كبار الأحلام في تلك الأيام! أما في أيامنا هذه فيعتبر عدم التسامح سبة وجريمة أخلاقية مهما كان سببه ومأتاه. العقول الحرة تأباه وتجده مرذولاً، وغالب رجال الأديان يمقتون الإكراه في سبيل نشر ما يعتقدون (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء. لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي. فمن يكفر بالطاغوت، ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، والله سميع عليم).
على أننا نقول إن الأمر كاد في هذه الناحية يعود قريباً من سيرته الأولى: أحداث تجد، وأفكار تتغير، وأنماط في الحكم تستحدث في بعض دول أوربا تقيد بل تلغي حريات الناس. فلا يفكرون إلا بقدر، وعلى ما يهوى السادة الحكام!
ثم حقوق النساء؛ أترى الناس كانوا فيها على اتفاق؟ لا. إن التاريخ شاهد صدق على اختلاف الناس فيها اختلافاً كبيرا. كان الأثينيون - وهم من تعلم مدنية وحضارة في الأزمان الماضية - يرون المرأة سلعة تباع وتشترى، وجعلوا مهمتها في الحياة تربية الأطفال وتنظيم البيوت. واليهود أباح بعض طوائفهم للأب بيع ابنته وهي قاصرة. وفي فرنسا قديماً بلغ من امتهان المرأة وهوانها عندهم أن عقد في بعض الولايات الفرنسية مؤتمر عام سنة ٥٨٦ م، اخذوا يبحثون فيه حالة المرأة ومركزها في المجتمع، وما إذا كانت تعد إنساناً أو غير إنسان، وانتهى الأمر بتقرير أنها إنسان؛ ولكن خلقت لتخدم الرجل ليس غير! ولا تنس ما كان من وأد بعض عرب الجاهلية بناتهم، ومن اعتبار المرأة كالمتاع تورث عن أبيها وزوجها. والآن تغير هذا كله، وأصبحت المرأة مساوية للرجل إلا في بعض حقوق يرى بعض الأمم من الصالح العام عدم منحهن إياها
وإذا كانت النظريات والآراء الأخلاقية تختلف في الأمة الواحدة باختلاف الزمن، فهي كذلك