الوالي شباكا أحكمت نسجها يد المكر، وبالغت في سترها الرؤوس الماهرة والقلوب الغادرة؟
كان شريف ناظراً للخارجية كما سلف أن ذكرنا، فلما تم لإسماعيل الأمر أضاف إليه نظارة الداخلية، فهو يعرف شريفا معرفة خبرة ووثوق إذ كان له زميلا في الدراسة؛ وبقي شريف يدير المنصبين متمتعا بثقة إسماعيل وعطفه، خليقا بما نال منه من تكريم، وأي تكريم. كان أعظم يومئذ من أن يقيمه الوالي نائبا عنه حينما رحل إلى الآستانة عام ١٨٦٥ وما كان إسماعيل ليفعل ذلك لولا أنه كان يرى شريفا أكثر الناس ولاء له
على أن شريفا لم يك يملك غير النصح في عصر كذلك العصر وتلقاء رجل كإسماعيل تناهى إليه السلطان والبأس حتى ليستنكف أن يذعن للخليفة، فيسعى ما وسعه السعي لتطلق يده في شؤون مصر كلها وبخاصة في عقد القروض
ولكن هل نصح شريف لإسماعيل كما كان خليقا أن يفعل؟ لو أنه فعل ذلك لجاء ذكره فيما جاء من أخبار ذلك العهد الذي كثرت فيه الأقوال. ومهما يكن من الأمر فقد ظل شريف فيما اختير له من المناصب لا يعارض ولا يغضب فيستقيل. . . وتلك مسألة أخرى نعدها على شريف ونأخذه بها. . .
بيد أننا من جهة أخرى نعود فنذكر أن مبدأ المسئولية الوزارية لم يكن قد قام في مصر بعد؛ فإسماعيل هو وحده المسؤول عن حكم مصر وسياسة مصر، وما على نظاره إلا أن ينفذوا ما يأمرهم به دون أن يكون لهم فيه رأي أو تكون عليهم من جرائه تبعة؛ ولم يك ثمة فرق بين جيب إسماعيل وخزينة مصر، ولذلك كانت سلطته المالية أعظم من سلطته الإدارية إن صح أن كان بين السلطتين تفاوت. . .
هذا كله حق لا سبيل إلى إنكاره، ومن أجله يخف وزر شريف وتقل ملامته، ولكنه لن يعفى من ذلك الوزر إلا أن نميل فنتحيز أو أن نذكر بعض ما بذله شريف من جهود جبارة في ما بعد في مقاومة نفوذ إسماعيل ومحاربة طغيان الأجانب فيحملنا ذلك على تناسي موقفه في تلك الفترة التي غلب على طبعه فيها الهدوء والرضى. . . على أننا لا نسيغ هذا ولا تطاوعنا النفس على ذلك.
والواقع أن هذه الفترة من حياة شريف فترة سكون لا يتفق وما جبلت عليه نفسه من