ومن هؤلاء طائفة احترفت فن التمثيل، لا عن عقيدة وموهبة وإنما عن حاجة، فهم عمال خصتهم الطبيعة بشيء من الموهبة الصادقة فإن ضعف التحصيل العلمي، وافتقار الثقافة الفنية، يجعلان هذا القدر من الموهبة لا يرفع صاحبه إلى الممثل الموهوب المفتن الذي يترجم بأدائه أعمال مؤلفين نبهاء ويسمو بفكره إلى حياة سامية مثل حياة شكسبير مثلاً أو موليير أو أبسن وغيرهم
أما عنصر الممثلات فاقل شاناً من عنصر الممثلين ولا سيما في الناحية الثقافية والعلمية. ويؤلمني أن أقرر أن بيننا ممثلات لا يحسن القراءة، فإذا قرأن يتعثرن، وإذا كتبن فليأتين بأغرب النقوش وأعجب الخطوط
بعد هذا أرى أنه لزاماً على المهتمين بترقية المسرح أن يعملوا على إنشاء معهد للتمثيل في معناه الكامل وفوق هذا أرى أن ترسل بعوث إلى الخارج من خريجي هذا المعهد، لا أن ترسل بعوث من أفراد كل مؤهلاتهم صلة قرابة أو محسوبية
الجمهور: الجمهور في مصر خليط عجيب، فيهم من يعيش بعقلية القرون الوسطى أو ما قبله، ومنهم من يعيش بعقلية عصر النهضة، ومنهم من يعيش بعقلية عام ١٩٣٩ ولكل فريق منزع خاص وذوق خاص، وهذا أمر لا نجده في الجمهور الأوربي، فمهمة إرضاء هذه الجماهير عن طريق المسرح صعبة وعرة.
هناك نظريتان يأخذ بهما العاملون في المسرح، الأولى الارتقاء بالجمهور إلى آفاق الأدب الرفيع، والثانية مجاراة الجمهور في مرغوبة وممالأته فيما يريد من تملق عواطفه. حاول بعض أصحاب الفرق الأهلية أن يأخذوا بالنظرية الأولى فلم يوفقوا إلى الكسب الوافر فانحدروا إلى الجمهور، كما اخذ البعض الآخر في بدء اشتغاله في المسرح بالنظرية الثانية وما زال أرجوحة بين الفشل والنجاح
وسبب ذلك فيما أرى اختلاف المستوى العلمي والفكري، والجمهور المصري حديث العهد في المسرح ليست له فيه ثقافة أو تقاليد، يؤم دورة بغية التسلية لا ارتجاء الغذاء الفكري أو العاطفي. فواجب مصلح المسرح أن يعمل تدريجياً على إيجاد جمهور يحسّ التمثيل ويتذوقه.
- هل قامت الفرقة القومية بواجبها في إيجاد الجمهور والرواية والممثل؟