للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أرض حسنة. والحق يقال أن ما اعطانيه كان عظيماً، وقد قدمني على أولاده وزوجني من كبرى بناته وأقامني أميراً على قبيلة من خيرة قبائل أرضه). ثم يحدثنا عن اغاراته على القبائل الأخرى ويقدم لنا وصفاً فريداً عن قيامه بمنازلة أحد أبطال تنو. والظاهر أنه كان محسوداً على المكانة التي كانت له في قلب الأميرة العظيمة، وعلى ما أحرزه من مجد الشهرة وفخر الانتصار، فجاء ذلك البطل ذات يوم ودعاه إلى النزال، (رجلاً قوياً لا أخ له في القوة)، وقد (اخضع لجبروته وكان: كل إنسان). وقال: (فلينازلني سانيهات)، وكان يريد أن يقتله، ولكن بطل تنمو تضاءل أمام المصري لخبير بفنون القتال والقائل في ذلك: (وجاء الموعد فالتقينا وناديته أن يبدأ فصوب سهامه ولكني تحاشيتها كلها، وسقطت بقربي سهماً أثر سهم. وهنا فوقت نحوه قوسي وأطلقت السهم. فنفذ إلى عنقه فصاح من شدة الألم وخر على انفه فأخذت قناته وأنفذتها في جسمه، وضعت قدمي على ظهره فهلل البدو، واستحوذت على جميع مقتنايته وماشيته. الشيء الذي كان يريد أن يفعله بي فعلته أنا به).

وأظنني بعد هذا كله لست في حاجة إلى الإشارة إلى أن الآداب القصصية العالمية لم تمنح آية أمة في الوجود ما منحت الأسلاف من التفوق في القصص الخيالية الممتعة التي يعدها العلماء المشتغلون بالمصريات في الوقت الحاضر غاية في سمو التصور ودقة التفكير وسعة التصوير وخصوبة الخيال وسلامة اللغة وسلاسة الأسلوب. ولعل أبدعها (قصة السحرة) التي جمعت ورتبت على طريقة كتاب (ألف ليلة وليلة). فهي في الحقيقة قصة واحدة طويلة. تضم ثلاث أقاصيص متتابعة، ادخل المؤلف كل واحدة منها في التي تليها، وقد عارض سير القصة عينها عند نهاية الجزء الأول منها بشيء جديد، لأنه رأى كما يرى كتاب العصر الحديث في قصصهم ضرورة وقوف القارئ عليه قبل الخاتمة، وهي مهارة أرادها فوفق فيها رغم ما تفيض به سطورها من تحول ساذج معجب لا ترون مثاله في غالبية ما يكتبه كتاب اليوم من الفرنج وغيرهم! وهذه القصة البديعة أشهر من أن تعرف. إلا أن السبيل إلى تلخيصها الآن غير ميسور، ولا يسمح المقام باقتباس شيء مما حفلت به تصانيف الأسلاف من الحكم الخالدة والمواعظ الأبدية والأمثلة العالية والكتب السياسية التي تبودلت بين الفراعنة وملوك الشعوب الأخرى من معاصريهم والرسائل المتبادلة بين الإخوان والأصدقاء وأغاني الحب والتسابيح الدينية، والأناشيد الغنائية

<<  <  ج:
ص:  >  >>