إذا نظرنا خلال التلسكوب إلى القمر فأنا نراه غير مستوٍ كثير الارتفاعات والفوهات البركانية. ويقال أن عدد هذه الفوهات يزيد على ستين ألفاً يبلغ قطر بعضها ١٤٠ ميلاً وعمق البعض الآخر ١٨ ألف قدم. أما الارتفاعات فهي سلاسل لجبال كثيرة، فهناك من السلاسل ما يمتد إلى أربعمائة وخمسين ميلاً، ومنها ما يشتمل على أكثر من ٣٠٠٠ قلة أعلاها جبل (هيجنز) ارتفاعه ٢١٠٠٠ قدم وهو أعلى من (أفريست) أعلى جبال الأرض. وكذلك يوجد على سطحه سلسلة تعرف باسم (الألب) تشتمل على ٧٠٠ قنة من قنن الجبال ولها وأد طوله أكثر من ثمانين ميلاً وعرضه يزيد على خمسة أميال
ولهذه الجبال ميزات لا نجدها على جبال الأرض، منها عدم وجود مغاور وكهوف ومنها جمال مناظرها الخلابة وما لها من ظلال تفي على ما تحتها من صحارى. هذه الجبال سهلة التسلق لا يجد الإنسان صعوبة أو مشقة في السير عليها أو التسلق إلى أعلاها، بل يشعر بخفة وسرعة ما كان ليشعر بهما لو كان يتسلق جبال الأرض. وإذا صدف أن زلت قدماه وهوى من محل عال فلا أذى يصيبه، ولا ضرر يعتريه. وقد يستغرب القارئ من هذه التفصيلات، وقد يختلط الأمر عليه فيظن أن القمر موطن المعجزات وموطن السحر. ولكن لا معجزات ولا سحر، فكل ذلك آت من ضعف جاذبية القمر إذ قوة التثاقل تعدل سدس مقدارها على الأرض
هذه هي التي تجعل المستحيل هنا ممكناً هناك (على القمر)، وتجعل المعجزة هنا أمراً عادياً هناك، وتجعل من الحركات الصعبة هنا سهلة هناك باستطاعة من (يزود نفسه بالأكسجين) وغير ذلك من الألبسة الواقية من الحر الشديد والبرد الشديد - أن يقوم بها ويتفنن فيها
وفي القمر أودية كثيرة يربو عددها على عشرة آلاف واد، منها ما هو واسع جداً كالسهول الفسيحة ومنها ما هو ضيق فيبدو كمجاري الأنهار
وإذا نظرنا إلى القمر حينما يكون بدراً واستعملنا نظارة صغيرة لذلك رأينا أنه ملئ بالبقع المنيرة التي هي جبال عالية، وبقع أخرى مظلمة هي سهول فسيحة. وقد ظن العلماء في أول الأمر أن هذه البقع المظلمة بحار فسميت بأسماء البحار كبحر الزمهرير وبحر الرطوبات وبحر الخصب وبحر الرحيق وبحر الغيوم