وما زلن يقلدن النجمة السينمائية فلانة، والممثلة المسرحية علانة، وغاب عنهن أن زينة الفتاة الممثلة على المسرح أو السينما، لا يمكن أن تجعلها جميلة أو متزينة بالمعنى الذي يقصد من التزين، لأن المقادير الهائلة التي تصبغ بها وجهها، إنما يقصد بها أولاً أن تساعد على إظهارها بوضوح على المسرح الشديد الضوء، أو أمام أنوار التقاط الأفلام السينمائية، كيلا تظهر شاحبة ذابلة، غامضة الملامح إذا ما سطعت عليها تلك الأنوار القوية.
والصورة البشعة، التي نراها هنا وفي كل مكان من المعمورة بوجوه النساء، إنما تدل على الجهل الذي تحمل المرأة عنوانه على ابرز جزء فيها، مما ينفر من مزاولة فن التجميل الذي يعتبر من أرقى الفنون وأعرقها.
لو عاشت جدتنا لتسمع ما نقوله اليوم عن التزين، ولو رأت بعيني رأسها حال وجوه السيدات اليوم، لذهلت وطار لبها، لأنه ما كان يستعمل للتزين في أيامها إلا أنواع من الصابون الصحي غير المهيج للبشرة كصابون القطران والكبريت الممتازين.
بينما كان الرجال في ذلك الزمن، يوضحون رجولتهم بنحو قدم أو أكثر من لحية مربعة مهذبة حول ذقونهم.
أما وسائل التزين التي يعلن عنها بلا انقطاع في جميع المجلات النسائية وغيرها الآن، أو ما يسمع عن علاجات البشرة المختلفة وما شابه ذلك، فكان غير مألوف، ولم يطق سماعه أو السماح باستعماله السواد الأعظم من الناس في القرن التاسع عشر
وقد اعتبر استعمال الدهون وأصباغ الوجه - من أحمر وذرور وغيرهما - من الجرائم الخلقية. والغواية في المجتمع، واعتبر استخدام أصباغ الشفتين وتزجيج الحواجب من علامات الانحراف، ومنتهى التبجح، بل دليل الفساد والشر
لهذا طالما انتهرت الجدة العزيزة بناتها إذا ارتابت في حمرة وجنتي إحداهن، أو إذا هي صففت شعرها بأداة التجعيد المحماة. ولعمري ما عساها كانت تفعل الآن، إذا رأت بعض الفتيات االمتطرفات، اللائي ينمين أظافرهن حتى تصير كمخالب الحداة، أو يلبسن أحذية طول كعوبها أربع بوصات أو خمس؟! من غير شك كانت تثور وتفور ولها الحق، وليست معارضتها في هذه الحالات وأشباهها مما تؤاخذ عليه، والشيء إن زاد عن حده انقلب إلى ضده