للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتدلنا الكيمياء على ظواهر أخرى تشبه ذلك أشار إليها السير جينز في كتابه وتبدو في نظري أهم ما في هذا السفر الجليل، فالمغناطيسية مثلاً تبدو واضحة في الحديد (وذرته ذات ٢٧ إلكترونا) وتبدو بدرجة أقل في النيكل (وذرته ذات ٢٦ إلكترونا) وفي الكوبلت (وذرته ذات ٢٨ إلكترونا) ويلاحظ أن لذرات هذه العناصر الثلاثة عدداً من الإلكترونات متتابعاً، كما يلاحظ أننا لا نرى في كل العناصر المادية الأخرى المعروفة لنا أي أثر للمغناطيسية، فالمغناطيسية إذن ظاهرة خاصة بالذرات التي لها هذا العدد من الإلكترونات

ولدينا في العلوم الطبيعية مثال آخر، هو النشاط الإشعاعي، وهو ظاهرة نراها في العناصر التي لذراتها من ٨٣ إلى ٩٢ إلكترونا والتي تبدأ في البيزميث ورادون الراديوم وتنتهي في الأيرانيوم، وقد بينا بالشكل الكيفية التي عليها ذرة الراديوم وفق بعض الاتجاهات الحديثة، فهي كما تراها مركبة من نواة وسطى يدور حولها عدد كبير من الإلكترونات يبلغ ٨٨ إلكترونا كما هو مبين بالشكل.

على أن هذه المقارنة بين المغناطيسية كظاهرة والنشاط الإشعاعي الذي يبدو ظاهراً في الراديوم كظاهرة أخرى، هذه المقارنة توجهنا إلى أن نضع الحياة في قائمة الظواهر الطبيعية الأخرى كالظواهر المتقدمة

وعلى هذا الأساس، فإن العالم مربوط بقوانين معينة، وفق هذه القوانين يبدو أن للذرات التي لها عدد معين من الإلكترونات (٦ ثم من ٢٦ إلى ٢٨ ثم من ٨٣ إلى ٩٣) لها خواص مُعينة، يطهر أثرها في الأولى بالحياة، وفي الثانية بالمغناطيسية، وفي الثالثة بالنشاط الإشعاعي وفعل الراديوم.

فالذرة إذن في جزيء المادة الحية لا تختلف في مجموع ما فيها عن الذرة في المادة المجردة عن الحياة، ولكلتيهما إذن نظام أشبه بالنظام الشمسي للمادة الذي سبق التحدث عنه، وإن كان من الصعب أن نمثل على الورق جزئيا من المادة الحية لكثرة عدد ذراته وبالتابع إلكتروناته كما مثلنا على الورقة الآن ذرة الراديوم. وبعبارة أقرب للوضع العلمي: إن كل ما يؤلف المادة الحية هو جسيمات أو كهارب في حركة ممكن إرجاعها يوماً إلى علاقات ترتبط بالبحرين الكبيرين اللذين يغمران كل الكائنات: الحيز والزمن، وبعبارة واضحة: إن المادة الحية كالمادة عديمة الحياة، ترجع في النهاية إلى حركة أو اعتبارات

<<  <  ج:
ص:  >  >>