للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلكترونية في الزمان والمكان.

بقى أن نتساءل عن أمرين:

الأول: هل يجوز إذن، ابتداء من مادة عديمة الحياة، أن نحصل في مختبراتنا على مجموعة من المواد الحية كالمجموعة المكونة لنا؟ أي مجموعة لها خاصية التناسل والتكاثر والمحافظة على نوعها؟

الثاني: هل في مجموعة الظواهر الحيوية ما يفسرها بموضوعات طبيعية كيميائية؟ وبعبارة أوضح، هل يمكن بمعلوماتنا الحالية، وبالرجوع إلى الميراث العلمي أن نرجع مجموع الظواهر الحيوية إلى موضوعات طبيعية كيميائية؟

ولو أننا بعد التحري الجدي، وجدنا الإجابة على الأمرين بالإيجاب، لجاز لنا أن نعتقد أننا كالتفاحة التي نأكلها، والمحبرة التي نكتب بها، بل لجاز لنا أن نعتقد أن لحياتنا الاجتماعية والأخلاقية، أساسا علمياً، يرجع إلى قواعد تتوافق مع نتائج البيولوجيا العلمية والطبيعية النظرية التجريبية

أيستطيع البيولوجيون والطبيعيون أن يرجعوا يوماً كل مظاهر الحياة، كل ما فيها من صفات وغرائز موروثة، حتى عظمة الرجل الذي يموت في سبيل بلاده وهو راض، حتى حنان الأم التي تتفانى في سبيل أولادها وهي سعيدة؟ أيستطيع العلماء إرجاع كل هذا، كل ما في الرجل من إرادة وآمال، كل ما في الأم من عطف وحنان، إلى حوادث داخل أجسامنا، تجد تفسيرها المادي في الكيمياء والطبيعة والرياضة؟ هذا ما أريد أن ألم به في ختام هذا المقال

للعالم ليب أستاذ جامعة بركلي بالولايات المتحدة كتاب الفكرة الميكانيكية للحياة، صادف نجاحاً في أمريكا، ترجمه إلى الفرنسية العالم المعروف هنري موتون أستاذ الكيمياء الطبيعية في السوربون، صادفت ترجمته أيضاً نجاحاً حتى أصبح البعض يعرف (موتون) بها أكثر مما يعرفه باكتشافه للألتراميكروسكوب وبأبحاثه في (تأثير المجال المغناطيسي على الظواهر الضوئية)

لقد لازمت موتون سنوات عديدة، وطالما جمعتنا الأيام منفردين في مَخْبَره بمعهد باستير، وطالما حدثني في العلوم بما لا يَمُتُّ لعملي في شيء، وكان لهذه الاجتماعات أثر في

<<  <  ج:
ص:  >  >>