للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقبل أن يبدأ التمثيل، كان لا بد من إعطاء النظارة فكرة عن موضوع الدرامة، فكان يبرز من المحراب أحد أفراد الخورس أو الممثلين أو الشاعر نفسه ليقدم المقدمة أو ال وذلك قبل أن يدخل أحد من الخورس، أما مقدمة الخورس أو ال فهي ما يقدم به الخورس نفسه قبيل كل مشهد جديد. . .

أما مادة الدرامات اليونانية فقد كان لها مصدران عظيمان: أحدهما خارجي ويشمل مشكلات السياسة ومؤامراتها وكل ما يتعلق بسلامة الدولة، والآخر داخلي أو أهلي ويشمل الأساطير الدينية التي تحدد العلاقة بين الناس والآلهة أو بين الآلهة والآلهة أو بين الناس والناس فيما يتعلق بتقليد ديني أو فيما له صلة بتلك التقاليد

وفي الدرامات التي تتناول موضوعاً سياسياً لم يكن يسمح للشاعر أن يستهزئ بدولة ما حتى ولو كانت دولة معادية؛ ولم يكن يسمح له أيضاً بأن يثلب طائفة ما من الطوائف التي يتركب منها الشعب الإغريقي. وقد حدث أن ألف الشاعر فرينيخوس درامة آذى بها الأيونيِوَيّين، فثارت الخواطر عليه في أثينا وانتهى الأمر بمحاكمته والحكم عليه بغرامة فادحة

وقد كان لأبطال الملاحم الهومرية والهسيودية النصيب الأوفى من عناية شعراء الدرام. وكانوا يعنون كذلك عناية فائقة بأبطال الحروب المروعة التي نشبت بينهم وبين الفرس. . . تلك الحروب التي خلقت المجد اليوناني وحالت بانتصار اليونانيين دون تبرير أوربا

أما الأساطير التي تعج بها المثيولوجيا اليونانية فقد كانت مادة أساسية للدرامة. . . ولا غرو، فقد عرفنا أن الدثرامب كانت الفجر الصادق لهذا الفن الجميل العظيم. . . والدثرامب هي أغاني باخوس، وهي وإن كانت تنشد باسم هذا الإله المرح الطروب قد أدت إلى المأساة الصارمة المشجية التي تفيض بالألم وتورث الحسرة والأسى

وهنا موضع إشارة إلى رأي طريف جهر به أستاذ عظيم من أساتذة الأدب اليوناني القديم هو العلامة ردجواي. . . فقد أنكر هذا الأستاذ أن تكون أغاني باخوس الفياضة بالفرح والمرح والتهريج أصلاً للمأساة، وزعم أن أصلها إنما هو الأسى والحزن، والأسى والحزن إنما ينشأن حول الموتى وحول المقابر وفي المحافل الجنائزية التي كانت تقام في هذه المناسبات، وما كان يصحبها من إقامة شعائر الموت والطقوس الدينية المختلفة. ودليله

<<  <  ج:
ص:  >  >>