وكأن السيد (زهيراً) قد أحس هذا الإسراف. . . وهذا الإفراط، فحاول أن يبرهن عليه، فما استطاع أكثر من أن يعدد الشعر الجاهلي وحياة محمد وضحى الإسلام
ولكن هل يكفي أن تكون نزعة الشك التي سُبق إليها طه حسين، أو نظرة دورمنكهيم إلى حياة النبي، أو آراء المستشرقين في الثقافة العربية. . . هل تكفي هذه وحدها لتجرد الأدب المصري كله من ميزاته كلها؟؟ ومن ذا يقول إن التأليف يجب أن يكون مبتكراً في كل نواحيه وكل خصائصه؟. . وهل يحرم على العقل الإنساني أن يستفيد من عقول إنسانية أخرى؟. .
إن حقائق العلم مشاعة، وإن ثمرات الفكر وقف مباح للناس كلهم، يفيدون منه ويبنون عليه، وإذا كان كل عالم من العلماء مضطراً إلى أن يبدأ أبحاثه من النقطة الأولى، أو أن يبتدئ تعداده - كما يقول الرياضيون - من الصفر، فإن الحضارة الإنسانية ستظل حيث هي لا تتزحزح.
وهذه سنة الكون يبني المتأخرون على غرار المتقدمين أو ينتقدون ما بنوا، ليشرعوا في منهج آخر. . . وهذا ما فعله طه حسين واحمد أمين وهيكل، وقد يكون أكبر أخطائهم أنهم لم يشيروا إلى بعض المصادر التي أخذوا عنها في الطبعات الأولى. . . أو أنهم أشاروا إليها في اختصار واقتضاب.
والترجمة أيضاً. . . ألا تكون ناحية من نواحي النهضة الأدبية. . . وهل يقتضي تكوين الأدب المصري ألا تكون هناك ترجمة أو مترجمون. . . وهل تدل ترجمة بعض المؤلفات الأدبية والفلسفية، على أن مادة الأدب المصري مستوردة من الخارج؟
إن عصور النهضة في أقطار الدنيا مقرونة ببعث وتجديد وترجمة. . . ولقد كان البعث والتجديد عن طريق إخراج المؤلفات القديمة، ثم كانت الترجمة أيضاً على أيدي كثيرين وتناولت الأدب والرواية والفلسفة، وأضافت إلى الأدب العربي لوناً جديداً من ألوان الثقافة، وأطلعت الأقطار العربية على علم الغرب وأدبه وفلسفته
هذه هي الناحية العلمية من النهضة الفكرية في مصر. . . أما الناحية الأدبية فهل نستطيع أن نتجهم لها أيضاً بمثل هذه الجرأة وهذا الإنكار؟. . . وهل كانت مؤلفات توفيق الحكيم