العسكرية، وتخشى من جهة أخرى أن تعود ألمانيا إلى زعامتها العسكرية القديمة. وقدمت الحكومة الألمانية مقترحات في هذا الشأن خلاصتها أن يرفع عدد الجيش الألماني العامل إلى ثلاثمائة ألف، وأن تعاد الخدمة العسكرية، وأن يكون لألمانيا حق استعمال وسائل الدفاع المختلفة، وأن ينقح دستور عصبة الأمم لكي تكون أداة صالحة محررة من كل ضغط ونفوذ. وقد ردت فرنسا برفض هذه المقترحات باعتبارها مناقضة لمعاهدة الصلح، وقالت بأن تسوية مسألة التسليح لا تكون بزيادته وإنما تكون بتخفيضه، وأن تخفيض السلاح لا يمكن أن ينظم إلا في جنيف وعلى يد عصبة الأمم طبقاً لمعاهدة الصلح، وما زالت المفاوضات تجري بين باريس وبرلين من جهة، وبين لندن وباريس ورومة من جهة أخرى، ولكن الذي لا ريب هو إن ألمانيا قد كسبت أول مرحلة في المعركة، وأنها تتقدم في سبيل غايتها من تحطيم الأغلال التي فرضتها معاهدة فرساي على دفاعها القومي، بل نعتقد إن ألمانيا قد بدأت تعمل بالفعل في هذا السبيل دون انتظار لرأي فرنسا وحلفائها.
وتثير ألمانيا إلى جانب مشكلة الدفاع القومي عدة مشاكل أخرى ترى أنها تمس مصالحها القومية. من ذلك مسألة وادي السار الألماني الذي انتزعته فرنسا لتستغل مناجمه الغنية حتى سنة ١٩٣٥؛ فألمانيا تطالب برده أو يجري الاستفتاء المنصوص عليه في المعاهدة؛ ومنها مسألة المستعمرات الألمانية التي وزعت بين فرنسا وبريطانيا العظمى فألمانيا تطالب الآن بردها لأنها تضيق بسكانها، ومصالحا الاقتصادية الحيوية تقتضي أن يكون لها مستعمرات؛ ومنها مسألة الممر البولوني الذي يمزق بروسيا الشرقية إلى قسمين، فألمانيا ترى أنها لا تستطيع الصبر على هذا التمزيق إلى الأبد، وإن كانت اليوم على تفاهم مؤقت مع بولونيا.
على إن الوطنية الاشتراكية الألمانية لم تكن موفقة في ناحيتين خطيرتين من نواحي السياسة الخارجية، هما المسألة النمسوية، ومسألة العلائق الألمانية الروسية.
فأما في المسألة الأولى فقد حاولت الحكومة الألمانية أن تتدخل في شئون النمسا بطرق شتى. ووجهت الوطنية الاشتراكية الألمانية إلى النمسا كثيراً من ضروب الوعيد والتحدي، وحاولت أن تبث في دعوتها وأن تصبغها بصبغتها. ونذكر أنالعمل على اتحاد الأمم الجرمانية من الغايات الأساسية التي ترمي إلى تحقيقها الوطنية الألمانية. والنمسا هي الأمة