للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الجرمانية المقصودة بهذا النص، وهي ترتبط مع ألمانيا بكثير من الروابط الاقتصادية والاجتماعية. وكانت النمسا تضطرم من قبل بدعوة قوية إلى الاتحاد مع ألمانيا سياسياً واقتصادياً ولهذا أرادت الوطنية الألمانية أن تقوم بمحاولاتها الأولى في سبيل هذا الاتحاد.

ولكنها لجأت كعادتها إلى الاندفاع والعنف، وحاولت أن تعامل النمسا كدولة تابعة وأن تملي عليها أرادتها ووحيها، وأن تثير فيها القلاقل والإضطراب، وأن تؤثر فيها بجميع وسائل الضغط والإرغام. ولكن هذه السياسة القصيرة النظر انتهت إلى عكس ما أريد بها. فقد أذكت في الشعب النمسوي عواطف العزة القومية، فنسي خلافاته الحزبية والتف حول حكومة المستشار دلفوس التي أبدت في مقاومة الوطنية الألمانية حزما يثير الإعجاب وأعلنت النمسا أرادتها صريحة في إنها لا تريد أن تكون تابعة لحكومة برلين، وقمعت الحكومة النمسوية كل شغب أثارته الدعوة الألمانية بمنتهى القوة وطاردت دعاة الوطنية الاشتراكية بلا رأفة، وأنهارت في الوقت نفسه دعوة الاتحاد (الآنشولس) وأنفض عنها أنصارها بعد أن رأوا ألمانيا تفسرها بالقضاء إلى الإستقلال النمسوي واستطاعت حكومة فينا أن تجعل من المشكلة النمسوية مشكلة دولية وأن تغتنم تعضيد إنجلترا وفرنسا وإيطاليا في الدفاع عن وجهة نظرها ضد ألمانيا.

وأما في مسألة العلائق الروسية فقد ارتكبت الوطنية الاشتراكية الألمانية أيضاً خطأ فادحا. وكانت ألمانيا منذ خاتمة الحرب تعمل دائما على توثيق صلاتها السياسية والتجارية بروسيا السوفيتية، وتتخذ من هذه الصلات دعأمة لسياستها الخارجية؛ وكانت روسيا أعظم سوق للصناعات الألمانية بعد لأن أغلقت في وجهها الأسواق الغربية؛ وكان التفاهم بين الدولتين محور التوازن السياسي في أوربا الشرقية حيث تطوق ألمانيا بدولتين خصيمتين هما بولونيا وتشيكوسلوفاكيا، ولكن الوطنية الاشتراكية لم تراع هذه السياسة التقليدية، ولم تفرق في كفاحها للشيوعية بين الاعتبارات الداخلية والخارجية، فألقيت تصريحات شديدة ضد روسيا السوفيتية من المستشار هتلر وبعض زملائه، وردت الصحافة الروسية هذه الحملات بمثلها، وكان لموقف حكومة برلين وقع سيئ في حكومة موسكو؛ وظهر أثر هذا التوتر في علائق البلدين واضحاً في إتجاه السياسة الروسية إلى وجهة جديدة. وانتهزت فرنسا هذه الفرصة فعملت على توثيق علائقها مع روسيا باتفاقات جديدة؛ واعترفت

<<  <  ج:
ص:  >  >>