مأمورون بصداقة الطبيعة لأنها باب ربنا ومصدر علومنا وأستاذ عقولنا. . .
أخلاقنا هي كل ما يرفع النفس ويسمو بالحياة.
محرماتنا هي كل ما يفسد الجسم والنفس.
اللذات الطيبات وزينة الحياة هي عندنا أعمال دينية إذا ذكرنا فيها اسم رب الحياة، واستحللناها بكلمته وإذنه، ونظرنا إليه في متاعنا بها كما ينظر الأطفال إلى أبيهم وهم يأكلون وينعمون!
العلم عندنا تعبد، لأنه يرينا يد الله في كل شيء. . . ويجعل لنا الطبيعة محاريب دائمة لصلاة الفكر.
هذا هو ميراثنا مضغوطاً في ألفاظ معدودة يضعها كل مسلم حقيقي في عقله وقلبه. ثم يسير في الحياة عاملاً ساعياً للمجد والحق إلى أن تخرجه من الدنيا اليد التي أدخلته إليها. . .
أفلا يرى كل عاشق للفكر والحق والسلام والصلاح أنه مضطر إلى أن يقف في صف الحراس لهذا الميراث، وأن يجاهد في سبيله ما وسعه الجهاد؟
أفلا يرى كل من يحس بنفسه، ويفكر في وجوده ووجود دنياه أن راحته النفسية وألفته العقلية، ونوازعه الشريفة تتطلب منه أن يقدم جسده ليكون ثوباً لهذه المعاني تلبسه وتسعى به، وتبطش في حرب الخير والشر؟
أيها الملحدون من أبناء المسلمين!
هل آن لكم أن تعيدوا النظر بهدوء في مفردات هذا الميراث لتروا أننا لسنا مخرفين ولا هارفين، وأننا لم نعشق خيالاً، ولم نَضع ضلالاً؟
ألا ترون إن الجهاد في هذا السبيل إنما هو جهاد للإنسانية لا لعصبية جنسية ولا لغايات اقتصادية، وأن خير ما تقدمونه للغرب الآن مكافأة له على جهوده في سبيل العلم هو هذه المعاني الإسلامية التي يحتاجها بالذات، ويرسل من أجل مثلها رواده ويرصد أرصاده؟
إن الغرب كفر بالدين لأسباب تعلمونها. . . وليست هذه الأسباب في الإسلام، حتى تكفروا به. وإن أفق الإسلام هو نفس الأفق الذي تتجه إليه حياة الفكر والحكمة والحرية.
وإن أصول الإسلام هي خلاصة الاتجاه الديني في نفس الإنسان منذ فجر التاريخ إلى الآن، هي أصول ثابتة في الأرض فارعة في السماء ثبات الحق والعقل.