يقول تعالى:(والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون)
فانظر كيف حدد الله للتهجم على الأعراض عقوبة جسيمة ثم أردفها بأخرى أنكى وأخزى وأبقى على الأيام، تَسِمُ القاذَف بميسم الخزي وتتهمه - أبد الأيام - بفقدان الثقة وخبث الذمة ومرض الضمير. ثم يختم سبحانه الآية بتسجيل فسق القاذف وخروجه عن طاعة الله ونبذه من لمجتمع الأخلاقي. . .
ثم شاء - جل وعلا - ألا يدع هؤلاء الوالغين في الأعراض حتى يجعل الخزي والعار ناطقاً بشناعتهم مشهراً بسوآتهم فقال:
(إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم، يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين)
ولقد ثقف الإسلام المرأة ثقافة يتطلبها شأنها، ثقافة دينية خلقية، فكان عليه الصلاة والسلام يجعل للمسلمات يوماً كل أسبوع يعلمهن ويثقفهن، وكان كريم الصبر في إرشادهن، فسيح اللبان في هدايتهن
أخذ عليهن - عندما كن يبايعنه مرة - ألا ينحن على الموتى. فقالت عجوز ممن حضرن: يا رسول الله، إن أناساً أسعدوني على مصيبة أصابتني، وإنهم أصابتهم مصيبة، فأنا أريد أُسعدهم. فقال لها عليه السلام:(انطلقي فأسعديهم) ثم عادت فبايعته.
تلك بعض نظرات المشرع الإسلامي إلى المرأة، فأين نحن؟ وكيف صرنا؟
لقد يروي لنا المؤرخون أن دولة الرومان يوم تألق نجمها، وعظم سلطانها، واستبحر عمرانها، كان الشطر الثاني للمجتمع وهو النساء، لا يعرفن غير البيت والأسرة، يقمن للبيت بواجبه، ويؤدين للأسرة حقها، وهن من وراء حجبهن. بل لقد غلون في الحجاب يومذاك غلواً كبيراً، فلن تخرج واحدتهن إلا وهي ملثمة، وعليها الأردية السابغة، ومن فوقها العباءات التي لا تبين تقاسيم الجسم - في ذلك الحين برع الرومان في كل شيء، في الملك والصناعة والتشريع، ودانت لسلطانهم الشعوب. فلما بلغت الدولة مداها ولع الناس بالترف، وغمرهم النعيم، وأفسد أجسامهم البذخ، فغدوا يبتكرون الملذات من غير تحرج ولا