فضل عليه فضله ولم يكن عنده من الوفاء ما يجزي به ذوي الأيادي الغر عليه، ماذا كتب في فصوله في الأخلاق مما لم يسبقه إليه الرسول الأعظم؟
والأدباء العظام في عصر لويس الرابع عشر: بيير كورنيل وديكارت وموليير وراسين ولافونتين، إننا نقولها كلمة حق لا تصدر عن حماسة فحسب، بل عن تروية ويقين: إن المُثل الرائعة التي زاد بها هؤلاء في تراث الفكر الإنساني والثقافة الإنسانية هي قل من كثر مما ضاعف به النبي هذا التراث، ونحن نقول المثل لأن النبي لم يكن ضحاكاً كموليير ولا فيلسوفاً كديكارت ولا مؤلف درامات كراسين، بيد أنه مع ذاك أنشأ للإنسانية مثُلاً أسمى مما أنشأ هؤلاء، وأنشأها كلها عن طريق الأدب
والأدباء الذين مهدوا للثورة الفرنسية. . . فولتير وديدرو وبومارشيه ورسو. . . هل أنشئوا ثورة كهذه الثورة التي أنشأها محمد بن عبد الله وقام بها وحده؟! وأين هي الثورة الفرنسية التي انتهكت فيها الحريات باسم الحرية، وخضعت فيها الكرامات والشرائع لجنون الشعب وعربدة النساء ولوثة الأوشاب من تلك الثورة العظيمة في سبيل الحق وخير الإنسانية وانتشال العقل من براثن الأغوال الحجرية التي كان يعبدها الناس. . . هبل ويغوث ويعوق ونسر واللات والعزى وضمار؟! أي الثورتين كانت أروع وأيهما كانت أعود بالخير على الناس وعلى الأفهام؟!
لقد كتب روسو إنجيل الثورة، فهل رسم فيه ما رسم القرآن للناس أجمعين في كل العصور؟! وهل كاتب إنجيل الثورة كهذا الوحي لذي يسره الله بلسان محرر؟!
ثم هؤلاء منشئو الأدب الألماني: جوته صاحب فاوست، وشيللر صاحب وليم تل، ولسنج مؤلف لاوكون، وهم الذين أعدوا الذهن الألماني إعداده الذي غبر عليه قرن ونصف قرن، الإعداد الذي لا يعرف شيئاً وهو المثل الأعلى غير القوة والغَلْب، هل جعلوا ألمانيا تقهر العالم في أقل من عشر سنين كما جعل محمد أمته تصنع ذلك؟ وإذا قدر لألمانيا أن تصنع ذلك، فهل كانت تنشر الأمن والطمأنينة والعلم والنور ودين الحق بالسلام كما نشر العرب ذلك جميعاً في ربوع العالم؟ أم أنها كانت تستعبد الناس وتذلهم وتقول لهم أنتم ساميون وحاميون. . . و. . . آريون. . . أما نحن فآريون نورديّون؟! في حين يقول محمد للناس:(لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى!!)