عشرة سمكة المتقدمة، ولكن عليه أن يتصور أن حبائل الشبكة من مادة تجيز التمدد في جميع الجهات.
مثال أخر يقرب للقارئ الصورة التي يعتقدها العلماء في الكون، ذلك أن تتصور كرة من المطاط، انتشرت على سطحها وفي داخل قشرتها جسيمات صغيرة جداً، فإنه عندما تنتفخ هذه الكرة، تبتعد هذه الجسيمات الواحدة عن الأخرى وفق القانون المتقدم، بحيث يبدو ونحن عند جسيم معين ازدياد ابتعاد الجسيمات الأخرى كلما كانت بعيدة عنه.
هذه صورة الكون الذي يفسر مشاهداتنا إلى حد، ولا يزال علينا أن نعرف مدى ما يساعد عليه العلم النظري من التثبت من هذه الصورة، ويلزمنا قبل أن نبدأ هذا الشرح أن نلخص الوقائع التي نعرفها حتى الآن، ثم ننتقل إلى تعرف الحيز الحامل لنا، هذا الحيز الموجود في إطاره كل العوالم الطبيعية، والذي سنرى أنه يختلف عن حيز أقليدس اللانهائي.
أوضحنا أننا كما نستطيع أن نعرف اقتراب أو ابتعاد قاطرة عنا من سماع صفيرها، كذلك يمكن معرفة اقتراب أو ابتعاد مجموعة من النجوم عنا من موضع خطوطها الطيفية على الطيف العادي، ففي حالة ابتعاد هذه النجوم تقترب خطوط طيفها من الجهة الحمراء، وفي حالة اقترابها نقترب من الجهة الأخرى، وتتعين سرعة ابتعاد النجم أو اقترابه من درجة اقتراب خطوطه الطيفية من أحد الطرفين.
وذكرنا أن العلوم النظرية والتجريبية قد برهنت على ابتعاد جميع العوالم عنا، كما برهنت على زيادة سرعة ابتعادها من بعدها، فالعوالم، التي تفصلنا عنها مسافة يقطعها الضوء في ٣ ملايين سنة، تبعد عنها بسرعة ٥٠٠ كيلو متر في الثانية تقريباً، أما العوالم المفصولة عنها بمسافة ١٥٠ مليون سنة ضوئية فتبتعد عنها بسرعة ٢٥ ألف كيلو متر في الثانية.
وتساءلنا لماذا تبتعد كل العوالم عنا، وأعطينا الآن صورة للكون الذي نعلم عنه أن كل عالم فيه يبتعد عنا، وأن سرعة الابتعاد تتزايد كلما كان بعيداً. هذه خلاصة ما وصلنا إليه، على أننا نخطو بالقارئ خطوة أخرى إلى الأمام.
مهما يكن من الأمر فإنه لم يكن هناك غير طريقين لنجد تعليلاً لهذه السرعة الكبيرة للسدم التي تبتعد كلها عنا.
(١) إما أن هناك قوة إلى الخارج تدفع هذه الكائنات إلى السباق والتنافر.