(٢) أو أن تكون هذه السرعة موجودة ولازمة لهذه العوالم منذ التطور الأول للخليقة، ومن يدري ماضيها؟ فقد تكون أكبر من ذلك بكثير.
على أني لا أريد أن يفوت القارئ، أن هذه السرعات الكبيرة، قد لفت النظر إليها البحث النظري قبل البحث التجريبي هذا البحث النظري الذي بدأ بمعادلات (أينشتاين) عن النسبية في وضعها العام، والذي تتبعه دراسة (دي سيتير) الذي توقع هذا التنافر للعوالم البعيدة. ولنعد بكلمة أخرى إلى عمل (أينشتاين) لنرى العلاقة بين عمله وبين صورة الكون.
عندما نشر أينشتاين نظرية النسبية في وضعها العام سنة ١٩١٥ التي تناول فيها فيزيقية المجال، والتي درس فيها المادة والكهرباء والإشعاع والجهد، كان أهم جزء في نظريته قانون الجاذبية، الذي يتفق في الحدود العادية مع نظريات نيوتن القديمة، على أينشتاين قد واجه في ذلك الوقت بعض الصعوبات التي لكي يذللها، عدل معادلاته بحيث أصبحت تسمح بتقوس الحيز للمسافات البعيدة، فحذف بعبقريته فكرة اللانهائية التي كانت تشغل دوراً في العلوم، بحيث إذا سرنا في حيز أو كون أينشتاين الجديد دائماً للأمام، رجعنا للنقطة التي بدأنا منها المسير.
هذه المعادلات الجديدة الخاصة بالجاذبية، نرى فيها ثابتاً جديداً يطلقون عليه الثابت الكوني على أن الذي يهمنا أن هذا الطرف الجديد في معادلات أينشتاين خاص بوجود تنافر بين مجموعات الأجرام السماوية، يتناسب مع المسافة، تنافر كوني ليس له مركز خاص، أي أنه قوة متعلقة بالثابت الكوني وتتناسب معه.
ومما هو جدير بالذكر أن المسألة التي نحن بصددها الخاصة باتساع الكون وتعاظم مسافاته، لم تكن قط موضع نظر أينشتاين ولم تكن بين المبررات التي دعته للتعديل الذي قام به هذا العالم الذي لم يهتم للثابت الكوني بقدر اهتمام البروفسير فايل له فيما بعد.
على أن تفكير أينشتاين هذا، أفاد في معارفنا فيما يخص الكون، وخرج بنا من غير قصد من مصاعب كان لا بد أن نلقاها، ذلك أنه إذا اعتبرنا المسافات البعيدة عن ١٥٠ سنة الضوئية التي كانت أخر حدود رؤيتنا نصل إلى أجرام تقرب سرعتها من سرعة الضوء، وليس هنا المجال لنذكر ما في ذلك من تناقض للنظريات الحديثة؛ ولعل القارئ يدرك الآن