كيف يمنعنا أينشتاين الذي كان لا يعرف هذه الصعوبة القائمة أمامنا، من التوغل في الكون بشكله الذي نستوعبه، لأن الكون مغلق على نفسه ولأننا لا نلبث أن نعود من حيث نظن أننا لا زلنا نتوغل فيه.
لست الآن بصدد أن أذكر القارئ أن الرياضيين توصلوا منذ أكثر من مائة عام إلى فرض حيز مقوس يختلف عن حيز أقليدس، وليس في نيتي في هذه الأسطر أن أستعرض علماً من أهم العلوم المعروفة اليوم، هو هندسة ريمان وهندسة لوباتشيفيسكي التي تعتمد كلاهما على تقوس الحيز، وتختلف عن الهندسة التي اعتدنا حل مسائلها في المدارس، والتي لا وجود فيها للخطين المتوازيين، إنما أريد أن ألفت نظر القارئ إلى أن دراسة دقيقة للحيز الطبيعي أوصلت العلماء لخاصية تقوسه، كما أوصلت ريمان لنفس النتيجة. أما ريمان فوصل لهذا التقوس لعدم إمكان إثبات نظرية واحدة، من بين الأربع والعشرين نظرية لأقليدس التي تعلمناها في المدارس، وهي نظرية خاصة بالمتوازيات. أما الطبيعيون فقد وصلوا لهذا التقوس بتجارب سنأتي عليها عندما نتكلم عن النسبية.
وهكذا ظهر لنا حيز أقليدس المستقيم مقوساً، وظهر لنا أن هذا التقوس صفة طبيعية تسمح التجارب اليوم بالتحقق منها، كما نتحقق من وجود المجال المغناطيسي دون أن نراه.
وهكذا كما نصادف في الطبيعة سطوحاً منحنية، نصادف فيها حيزاً منحنياً، أي أن له هذه الخاصية من التقوس الممكن قياسه ولكن يوجد فرق جوهري بين التقوسين، ذلك أن يجوز لنا في السطوح أن نعدلها أي نحذف خاصية الانحناء منها، وذلك بالقيام بعملية معاكسة للانحناء، ولكن لا نستطيع في الحيز أن نجعله يتخلص من هذه الخاصية، أي انه لا يمكن تعديل صفته الطبيعية كما هو الحال في السطوح.
هذا الحيز أو الفراغ في حالته البسيطة حيز ذو أربعة أبعاد، وهذا البعد الرابع هو الذي ينحني الحيز في اتجاهه - هذا التمثيل الرباعي الأبعاد، في الحالة البسيطة المتناسقة، يصبح سداسياً أو ذا عشرة أبعاد عندما ننتقل من الحيز العادي إلى الحيز في الزمن، وليس للقارئ أن يرتبك بهذا الحيز الأخير وعلى حد قولهم - إن ما يميز العالم الرياضي من غيره أن الأول يرى الأشياء في أربعة حدود، إنه لا شك أن ثمة صعوبة في تخيل الحيز ذي أربعة الأبعاد، ويتصور أدنجتون لذلك فقاعة كبيرة، هذه الفقاعة ذات أربعة حدود،