وأجيب بأني درست التصوف من الوجهة الأدبية والفلسفية وقد وصلت من ذلك إلى ما أريد. أما القول بأني لست صوفياً فهو قول مردود، فتلك أسرار يعلمها الله ويجهلها الناس وأنا أكره أن أصف نفسي بالتقوى والزهد والتنسك لئلا أقع في بلية الرياء؛ وقد قلت ألف مرة إني أحب أن ألقي الناس بالفجور وألقي الله بالعفاف، وأنا راض عن نصيبي عند علام الغيوب.
٢ - وقال: إني لوثت كتاب التصوف الإسلامي بالحديث عن أبي العتاهية، وساق كلمة سفيهة وصف بها أبو العتاهية في كتاب الأغاني.
ولو أن هذا الناقد كان اطلع على كتاب (النثر الفني) لعرف قيمة الأخبار الواردة في كتاب الأغاني.
وهل يصح في حكم العقل أن نمحو أسم أبي العتاهية من سجلات الأدب بسبب كلمة سخيفة كتبها صاحب الأغاني؟
أنا لا أنظر إلى أبي العتاهية إلا من جهة واحدة: هي أنه أنشأ في الأدب العربي فناً جديداً حين نظم قصائده الزهديات.
ولن نستطيع أن نقاوم أبا العتاهية بعد أن أمد اللغة العربية بهذه الثروة الشعرية. وكيف نستطيع ذلك وفي المؤلفين من عد أبا العتاهية من أمراء الشعر في العصر العباسي؟
٣ - وعاب على أن أتحدث عن زهديات أبي نواس في كتاب التصوف الإسلامي.
وما لعيب في ذلك؟
أنا أتحدث عن الندم الذي عاناه أبو نواس يوم هداه الله إلى المتاب، فهل يغض ذلك من كتابي؟
وهل هناك فرصة روحية أعظم من فرصة الفاجر حين يتوب؟
وهل كان أبو نواس أسوأ خلقاً من بعض شعراء اليونان الذين بقيت آثارهم على وجه الزمان؟
إن الذين يعيبون على أن أتحدث عن زهديات أبي نواس في كتاب التصوف ينظرون إلى الأخلاق نظرة سوقية لا فلسفية، وأمثال هؤلاء لا يقام لآرائهم وزن وإن لبسوا مسوح