فيه وكثر استعماله عند أهله بعد ألاّ تخرج من حسن الاستواء وحدّ الاعتدال وجودة الصنعة)
(فلما ضرب الإسلام بجرانه واتسعت ممالك العرب، وكثرت الحواضر، ونزعت البوادي إلى القرى؛ وفشا التأدب والتظرف، اختار الناس من الكلام ألينه وأسهله وعمدوا إلى كل شئ ذي أسماء كثيرة فاختاروا أحسنها سمعاً وألطفها من القلب موقعاً. . وأعانهم على ذلك لين الحضارة وسهولة الطباع والأخلاق، فانتقلت العادة وتغير الرسم وانتسخت هذه السنة الخ
٤ - ومن قولهم في الطبع والخلق وأثرهما في الأدب قول الجرجانيّ:
(ثم قد تجد الرجل شاعراً مفلقاً، وابن عمه وجار جنابه، ولصيق طُنبه بكيا مُفَحما، وتجد فيها الشاعر اشعر من الشاعر، والخطيب أبلغ من الخطيب. فهل ذلك إلا من جهة الطبع والذكاء وحدة القريحة والفطنة؟ وهذه أمور عامة في جنس البشر، لا تخصيص لها بالأعصار، ولا يتصف بها دهر دون دهر
(وقد كان القوم يختلفون في ذلك فتتباين أحوالهم، فيرق شعر أحدهم، ويصلب شعر الآخر؛ ويسهل لفظ أحدهم، ويتوعر منطق غيره. وإنما ذلك بحسب اختلاف الطبائع وتركيب الخلق، فإن سلامة اللفظ تتبع سلاَمة الطبع، ودماثة الكلام بقدر دماثة الخلقة
وأنت تجد ذلك ظاهراً في أهل عصرك وأبناء زمانك. وترى الجافي الجلف منهم كزّ الألفاظ، معقد الكلام، وعر الخطاب، حتى انك ربما وجدت ألفاظه في صورته ونغمته، وفي جرسه ولهجته)
٥ - ومن قولهم في طرائق البيان:
قال القاضي الجرجاني: (ولا آمرك بإجراء أنواع الشعر كله مجرى واحد، ولا أن تذهب بجميعه مذهب بعضه؛ وأرى لك أن تقسم الألفاظ على رتب المعاني فلا يكون غزلك كافتخارك، ولا مديحك كوعيدك، ولا هجاؤك كاستبطائك، ولا هزلك بمنزلة جدك، ولا تعريضك مثل تصريحك؛ بل ترتب كلاّ مرتبته، وتوفيه حقه؛ فتلطف إذا تغزلت، وتفخم إذا افتخرت، وتتصرف للمديح تصرف مواقعه؛ فإن المدح بالشجاعة والبأس يتميز عن المدح باللباقة والظرف، ووصف الحرب والسلاح ليس كوصف المجلس والمدام. فلكل واحد من