خص به قوماً دون قوم، بل جعل ذلك مشتركا مقسوماً بين عباده وجعل كل قديم، منهم حديثاً في عصره)
وقال صاحب الوساطة:
(وملاك الأمر في هذا الباب خاصة (النقد) ترك التكلف ورفض التعمل والاسترسال للطبع، وتجنب الحمل عليه، والعنف به. ولست أعني بهذا كل طبع، بل المهذب الذي قد صقله الأدب وشحذته الرواية، وجلته الفطنة وألهم الفصل بين الرديء والجيد، وتصور أمثلة الحسن والقبيح)
هذه أمثلة من ضروب النقد المختلفة سردتها ليلتفت طلاب الأدب إليها، ويستزيدوا منها، ويتبينوا ما وراءها من طرائق النقد ومذاهب النقاد. وفي كتب الأدب كثير منها ومن شاء فليرجع إلى الجزء الأول من البيان والتبيين، ومقدمة كتاب طبقات الشعراء لمحمد بن سلام الجمحي وكتاب الموازنة بين أبي تمام والبحتري
تاريخ الأدب
- ١ -
إذا نقد شعراء أمة وكتابها المتعاصرون، وقرن هذا النقد بعضه إلى بعض وتألفت مما اتفقوا عليه وما اختلفوا فيه صورة لعصرهم، وبينت الأسباب التي اجتمعت على تأليف هذه الصورة، ألوانها وهيئتها، فهذا تأريخ عصر من عصور الآداب
وإذا شمل النظر عصوراً متتابعة فاستبانت صور الآداب فيها، وعرف تطوّر هذه الصور وانتهاء كل واحدة إلى التي تليها، وُرد هذا التطور إلى أسبابه فهذا تأريخ الأدب في هذه العصور
فتأريخ الأدب وصف آداب العصور وترتيبها وتعليلها
- ٢ -
وهو كالنقد يستمد من ذوق الناقد وتقديره مزايا الكلام وعيوبه وأطواره، ومما أحاط بالأدباء من حقائق التاريخ والجغرافيا، والاجتماع وغيرها. وعلى مؤرخ الأدب أن يلائم بين ذوقه وعلمه بهذه الحقائق فلا يحكم الذوق على غير بينة، ولا يغفله ويعتمد في تاريخه على