سعي الأمومة المبرور، وأحسنَّ البلاء في تعهد الأولاد بالعناية اللازمة، وهيأنَ من ريعان اقتبالهم، وعنفوان شبابهم خير عدة للمجتمع!
هذا ولا تنسى أن رجال الفن يتخذون أداة عملهم الفني من الجماد، والجماد لا روح فيه، ولا يملك من الاستجابات غير ما يشعر الفنانون إنه صوت العواطف والأفكار التي تدوي في نفوسهم. أما أنت فإن مادة تعبيراتك الفنية معنوية حية؛ تجيش في خلاياها الكائنات الحية، ويترقرق في أغوارها ماء الحياة الناشطة، ويقظة الفؤاد، ودقة الفهم، ولطافة الحسّ، وقوة العقل. وفي كل يوم ترين استفاضتها؛ في كل يوم ترين الأغصان النامية التي تساعدينها على اتخاذ سمتها إلى النور والسماء، وتستجيب لهاتف رعايتك وتثقيفك، وفي كل يوم تتكرر مظاهر اتصالها بك، إذ تلتفّ تلك السواعد البضّة حول عنقك لتحدثك عن حبها الساذج النقي، وفي كل يوم تشنف أذنيك مرارا تلك النغمات الملائكية كلما نادتك قائلة:(ماما! ماما)! وفي كل يوم ينفخ إيمانُ تلك القلوب الغضة، وثقتهم بما أوتيت من حكمة وخبرة، روحَ الحياة في قلبك. إن الفنان يحكي الطبيعة، وينقل ما يقع تحت حسه من صورها، ويتخذ من مخلفات حياته الفنية صلة الحياة بما بعد وجوده الفاني في عالم الزوال. أما أنت فتسلمين وديعة السماء السرمدية إلى الأرض، وتخلدين نبتة الحياة التي تنتقل ثمارها من جيل إلى جيل، وتتفتح أزهارها في متلاحق الحقب، ويدخر حصيدها الذهبي إلى ما وراء الأبد والبعث. . . وتقدمين للوجود على يديك إثباتا أكيداً لذات أوسع وأكبر، وبقاء أشمل وأكمل، وتمنحين الإنسانية فوزاً متكرراً، وذخراً يجدده بروز مواهبك في الأمومة الرشيدة الحكيمة. وما جمال الفن، وما مجد الفنان إلا بعض فضل الأم على كل مبتكراتهما وروائعهما! فهل تشتكين بعدُ من العناية بالبيت؟ وهل تقولين إن الأطفال أيضاً يضايقون ويزعجون! و. . . و. . . الخ. وزوجك العطوف؟ إنه يحبوك بالنصح والتدبير والمشورة في حيرتك وارتباكك، ويسرّي عنك آلامك، ويمحضك إعجابه، ويخصّك بحبه الذي تستمدين منه سنداً لضعفك. . وأمومتك نفسها توقظ فيه حنو الرجولة وتنّبه حنانها الشهم القويّ. . . فهل تحرصين على هذه العطايا أن تذهب بلا طائل؟ أم هل تعدّينها من الالتزامات والضرائب المفروضة على الزوج؟ أو لا تعرفين أيتها الجليلة الفتية الراتعة في بحبوحة الدعة أن هذه الدعة هي خير ما تستطيع أن تغدقه عليك عناية الزوج المحبّ؟ ألا