وقوله:
وكأن الذكاء يبعث فيه ... في سواد الأمور شعلة نار
وقوله:
صحبوا الزمان الفرط إلا أنه ... هرم الزمان وعزهم لم يهرم
وقوله:
عليم بتصريف الأمور كأنما ... يعاني صروف الدهر من عهد تُبَّعِ
وقوله:
عَجلٌ إلى نجح الفعال كأنما ... يمس على وِتر من الموعود
وقوله:
وكم لبست الخفض في ظله ... عمري شباب وزماني ربيع
فمدحه حلو شائق سواء أكان المعنى سائراً مألوفاً أم كان جديداً مبتدعاً. أنظر إلى دقة المدح في قوله:
لم يرتفع عن مراعاة الصغير ولم ... ينزل إلى الطمع المخسوس إسفافا
ولكنه مع ذلك لا يخلو من أشياء فيها فتور الصنعة وتكلفها عندما تكون الصنعة قاهرة لعاطفته الفنية ومنافسة لها بدل أن تكون زميلتها أو خادمتها. وقد روى أنه أحرق أكثر هجائه الذي به فحش وأن كان في ديوانه القليل من هذا النوع وله في الهجاء أشياء مستحسنة مثل قوله:
تزيد الإهانة في حاله ... صلاحاً وتُفسِدُهُ التكْرِمهْ
وهذا البيت يصف الإنسانية في بعض حالاتها وهو في معناه شبيه بقول القائل:
يُصْبحُ أعداؤه على ثقة ... منه وخِلاَّنُهُ على وَحَل
تَذَلُّلاً للعدو عن ضعة ... وصولةً بالصديق عن نغَل
ومن مأثور هجاء البحتري قوله:
وبعضهُمُ في اختبارته ... يُحبُّ الدناءة حبَّ الوطن
والظاهر أنه لم يجد حباً أشد من حب الوطن كي يقارن به حب المهجو للدناءة. ومن المشهور قوله أيضاً: