- لقد قلنا إن الأدب هو الفن الذي يتجه إلى الحياة بما فيها من مناظر تراها العين، وأصوات تسمعها الأذن. . . واحساسات تشعر بها النفس، وأفكار يدركها العقل
- حسن. وما الذي يجب أن يتوفر في الأديب تبعاً لهذا؟
- قلنا إن الأديب لا بد أن يعيش مفتوح العين ليرى ما يحيط به، مرهف الأذن ليسمع ما يتعالى حوله من أصوات وما يتخافت، مرقرق النفس ليشعر بما يرفرف حوله من البشائر والنذر وبما ينتاب غيره من انفعالات، متحفز العقل ليتلقط ما ينبت حوله من أفكار وليتخطف ما يتطاير في جوه من آراء، فيعبدها نهجاً، وينظمها مسلكا، ويزيد عليها إذا شاء، وينتقص منها إذا أراد، ويبدل منها ويغير ما يحب
- حسن. وما هي الأدوات التي تلزم للأديب في عمله؟
- القلم، والمداد، والورق. فهو ينقش بالقلم المسقي مداداً على الورق حروفاً وكلمات يراعي في كتابتها صحة الهجاء، وصحة التركيب، وجمال التعبير، ثم بلاغته آخر الأمر
- أو لا يمكنك أن تتصوره يعمل بغير هذه الأدوات؟
- أما القلم والمداد والورق فيستطيع الأديب أن يستغني عنها. فقد عرف التاريخ كثيرين من الشعراء الأميين الذين لا يقرءون ولا يكتبون. وأما صحة التركيب وجماله وبلاغته فكلها مما تهدي إليه الإنسان سليقته وفطرته
- فإذا لم يكن الإنسان مفطوراً على الأدب. . . أفما من سبيل لترويضه عليه؟
- قد تكون هناك سبيل، هي التربية. فكثرة القراءة تربي فيه الذوق، وإغراؤه بالنقد يمكنه من تبين المحاسن والكشف عن المساوئ، وإرشاده إلى ما في الحياة من موضوعات صالحة قد يحمله على معالجة بعضها. . . على أنه مهما تعلم ومهما تدرب فإنه لن يثمر كما يثمر الأديب الموهوب أدباً ناضجاً شهياً
- فإذا اكتفى (الأديب (بتعلم القراءة والكتابة، وتاريخ الحروف وتطور أشكالها فماذا يكون؟
- لن يكون أكثر من خطاط!
- يكفيني هذا منك. وعليك منذ اليوم أن تقلع عن الموسيقى فلست منها إلا كالخطاط من الأدب
- لا يا أستاذ. إني أدرس الموسيقى في المعهد الملكي منذ سنتين، وأنا أحفظ عشرين