للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بشرفاً، وعشرة موشحات، وخمسة أدوار، وقد بدأت فلحنت هذه القطعة التي سمعتها اليوم

- ليتك لم تفعل. فأنت اليوم إذ لحنت هذه القطعة كنت كشيخ الكتاب الذي حفظ القرآن ولم يفهمه، والذي حفظ المعلقات السبع ولم يقرأ لها شرحاً ولا تفسيرا، والذي يكتب فلا يخطئ في الهجاء. . . ثم سولت له نفسه بعد ذلك أن يكون شاعراً فصنع كلاماً حسبه شعراً وما هو بالشعر. . . أسمع يا بني. . . إذا كنت تريد أن تلحن فاختبر نفسك أول الأمر وانظر: هل هيأك الله للتلحين؟ فإذا لم يكن قد هيأك له فاعدل عنه يا بني واكتف بالعزف

- ولكني أحب التلحين

- إذن لحن في السر، ولا تطلع أحداً على بليتك

- لا حول ولا قوة إلا بالله. . . ولكن كيف أستطيع أن أعزف إذا كان الله قد هيأني للتلحين أو أنه قد ضن علي بما يؤهلني له؟

- كم هي الحواس التي أنعم الله بها على الإنسان؟

- خمس. . .

- لنفرض هذا جدلاً

- وهل اختلفوا في عدد الحواس أيضاً؟

- وما أشده من خلاف. . . الدنيا تتقدم يا بني وأنتم في معهدكم لا تزالون آخذين بخناق ذلك اليوم الذي أغرى فيه مديركم بالعزف على القانون. . . هم يقولون اليوم يا بني إن للإنسان حاسة سادسة اسمها الحاسة العامة، ويقولون إن له حاسة سابعة هي الحاسة الدينية، ويقولون إن له حاسة ثامنة هي الحاسة الفنية؛ ولكني أقعد بك عند الحواس الخمس فلست أريد أن أتعب نفسي كثيراً معك. . . والآن لعلك تعرف أن كل حاسة من الحواس الخمس تشغل المخ بما يؤثر فيها إذ تنقل إليه ما انتابها من الأثر. . .

- أعلم هذا فقد درسته في علم النفس. . .

- في المدرسة لا في المعهد طبعاً. . . أريدك الآن أن تتخيل نفسك وقد وقفت في ميدان إبراهيم باشا خمس دقائق. . . فما الذي ترى أن نفسك أو (مخك) قد اشتغل به. . .؟

- تمثال إبراهيم باشا. المتاجر الكثيرة. المشارب العامة والجالسون فيها. المارون في الطريق وأخصهم الحسان. السيارات الرشيقة. الدواب المتعبة

<<  <  ج:
ص:  >  >>