عرضنا خلاصة هذه المأساة في إسخيلوس عندما لخصنا (سبعة ضد طيبة). ودرامة فوكليس تتناول حياة أوديب بعد أن رقى أريكة الملك ثم تتسلسل الحوادث حتى يعرف السر الهائل: أنه قتل أباه وأنه تزوج من أمه وأنه أولدها أبناءه جميعاً. . وأروع مشاهد المأساة ذلك المنظر الذي يعترف فيه كل من أوديب وأمه أحدهما للآخر عن الماضي المؤلم المشجي. ثم تلك النهاية التي تقتل الأم فيها نفسها، ويسمل الابن عينيه. وبالرغم من روعة الماسة وسموها الفني قد لاحظ عليها النقاد ضعفاً في الحبكة الدرامية، إذ كيف يسيغ الذوق الدرامي أن يتزوج شاب قوي فتى جميل مثل أوديب امرأة عجوزاً شمطاء تكبره مرتين أو أكثر من مرتين مثل أم هذا الفتى!؟ ليس في تاريخ الجمال اليوناني ما يسيغ هذا الوضع وخصوصاً على المسرح. وقد اعتذر أرسطو عن ذلك بأنه عيب يضيع في روعة حوادث المأساة وجمال تسلسلها وشدة أسرها. . . ثم لماذا تنتحر الأم ولا ينتحر أوديب؟ لماذا يكتفي بأن يسمل عينيه ويعيش بقية حياته أعمى في تيه الغابات؟! يعتذر أرسطو لذلك أيضاً بأن الأسطورة كانت مشهورة قبل سوفوكليس فلم يشأ أن يتناولها بالتبديل والتحوير، ويُرد على ذلك بأن سوفوكليس كان يصور الناس والحوادث بما كان ينبغي أن يكون فِلمَ لم يطبق قاعدته على مأساة اوديبوس؟!
٥ - عذارى تراشينيا
لا ندري لماذا أطلق سوفوكليس ذاك الاسم على مأساته هذه إلا أن تكون قد حدثت هنالك. . . وكان الأحرى أن يسميها ديانيرا أو مقتل هرقل يعترض طريق هرقل في إحدى مغامراته نهر عظيم لا يستطيع أن يعبره وتكون معه زوجة الجميلة المفتان ديانيرا فيبدو لهما سنتور عظيم ويعرض أن يحملهما إلى العدوة الأخرى. . . وتركب ديانيرا على ظهر السنتور ويخوض بها في اليم فيحس نحوها بغرام شديد فيعتزم أن يهرب بها من هرقل، فلما يبلغ العدوة الأخرى ينطلق بها فتصرخ فينتبه هرقل فيرسل أحد سهامه المسومة بدماء هيدرا فيخترم السنتور. . . وقبل أن يموت السنتور يهب ثوبه لديانيرا فتفرح به لأنه كما زعم لها يرد إليها محبة زوجها إذا تحول عنها قلبه بشرط أن يلبسه. . . وتحتفظ ديانيرا بالثوب سنين عدداً ثم يمضي هرقل في أحد مجازفاته فتعلم انه صبا إلى حبيبته شبابه وخليلته