الأولى فتضطرم الغيرة في قلبها وتذكر ثوب السنتور، ثم ترسل أحد خدمها ليلقي هرقل وليقدم له ثوب السنتور فيلبسه (لأنه يعيد إليه ما خار من قواه في مجازفاته الشاقة)، وما يكاد هرقل يلبس الثوب حتى يسري سم السنتور في جسمه فيعذبه ويضنيه حتى يموت. . . وتعلم ديانيرا بموت زوجها فتعرف حقيقته الثوب وأن السنتور وإنما أراد أن ينتقم من هرقل لأن قتله فتحزن ثم تنتحر في
هذه المأساة والمأساتين التاليتين نلحظ تبديلاً في سوفوكليس ونرى أنه تأثر بالشاعر الشاب يوريبيدز. . ثم نلحظ ضعفاً في الحبكة الدرامية سببه الهرم وتقدم السن، فقد نظمها بعد الثمانين وفي عصر تقلقل وصراع بين أثينا وإسبرطة.
٦ - فيلوكتيتس (٤٠٩ ق. م)
عندما حضرة الوفاة هرقل منح سهامه المسمومة لرصيفه البطل فيلوكتيتس الذي صحب اليونانيين في حملتهم على طروادة. . . لكن أفعى لدغته في رجلة في جزيرة لمنوس، وأحدثت بها جرحاً بليغاً سبب له ألماً شديداً، وخشي المحاربون أن يكون سبب في طاعون يذهب بريحهم فتركوا البطل المسكين وحيداً فوق الشاطئ ثم أبحروا إلى طروادة. . . واستمرت الحرب عشر سنوات سجالاً بين الفريقين، ثم جاءتهم نبوءة أن طروادة لا تسقط إلا إذا حظر الحرب فيلوكتيتس ومعه سهام هرقل. . فذهب البطل أودسيوس ومعه البطل نيوبتوليموس بن أخيل إلى حيث ثرى فيلوكتيتس ليحتالا عليه فيحضر معهم إلى طروادة بسهام هرقل. . . وقد شق على البطل أن يفعل وعز عليه أن يصحب قوماً أهملوه في كربته وغادروه وراءهم وهو في شدة الحاجة إلى معونتهم، وكان جرحه ما يزال يؤلمه ويبرح به. . . ولكن شبح هرقل يبدو له في شبه حلم وينصح له بالذهاب إلى طروادة لنصرة قومه، ولأن هناك الطبيب ماشيون الذي يستطيع مداواة جرحه فيهش فيلوكتيتس وينهض من فوره، ويمضي إلى طروادة. . . وحل عقدة الدرامة على هذا النحو يدلنا على مبلغ تأثر سوفوكلس بيوريبيدز
٧ - أوديبوس في كولونوس
لا ندري لماذا عاد سوفوكليس فجأة وبعد نصف قرن تقريباً إلى مأساة أوديب؟ لعله أراد أن يرد على آرسطو قبل أن يولد (٣٨٤ - ٣٢٢)، كما أراد أن يقول لماذا لم ينتحر أوديب