للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في هذه الحال ليس عبارة عن يرقان مَرَضيَّ بل هو رد فعل داخلي قد يبدو تحت سيطرة الغدد الصماء لحشد ما يمكن (لشبكة آشوف) الغارشية أن تمد به الخلايا من مادتها الملونة للصفراء لمقاومة البنموكوك المجتاح بتلبيده في السدم ثم حله ثم هضمه

وما احتفظ الدكتور فرح لنفسه بهذا الاكتشاف بل ذهب يكرر اختباراته وينشر عنها في كبريات المجلات الطبية، وقد سبق أن أدلى عنها ببيان في المؤتمر الثامن للاتحاد المصري للأطباء عام ١٩٣٦ ونشر مثل هذا البيان في مجلة لا نسيت عام ١٩٣٧، وفي مجلة أمراض البلدان الحارة في لندن عام ١٩٣٨، ثم عرضه على مؤتمر أوكسفورد العالمي في جلسة ليمانفتون فدون في محضره. فكان لما جاء به هذا الطبيب الوطني من الملاحظة والاستقرار والتعليل شأن كبير لدى رجال الغرب المقطعين إلى استكشاف مجاهل الجسم واستجلاء أسرار العلل فيه

وعندما عقد المؤتمر الطبي العالي في بات من أعمال إنكلترا في أبريل سنة ١٩٣٨ ووقف النطاسي (هانش) يعرض مشاهداته السريرية عن تأثير اليرقان في الالتهابات المفصلية والعضلية مكتفياً بسرد الحوادث دون الذهاب إلى تعليلها، وقف مواطننا الدكتور فرح فتناول شرح هذه الظاهرة بما اكتشفه في اختباراته انه طوال السنين من تأثير اليرقان تأثيراً ناجعاً في الروماتيزم مثبتاً أن المادة الملونة للصفراء تلبد البنموكوك وتحله وهو أصل الداء في ثورته. وهكذا جاء مواطننا في مجتمع من أكبر المجتمعات العلمية العالمية بتعليل يعززه الاستقراء والتحقيق لظاهرة كان يقف عندها الأطباء كأنها تصادف بين حلول داء الروماتيزم وظهور اليرقان دون أن يعلموا أن ثورة البنموكوك هي كلمة السر في حركة الهجوم والدفاع

أما الأمراض الأخرى التي اكتشف الدكتور فرح تأثير المادة الملونة الصفراء عليها، فمنها ذات الرئة وبعض أنواع الربو والحمى القرمزية التي تهبط الحمى والنوب فيها ويتماثل العليل بها إلى الشفاء بمجرد ظهور اليرقان وانتشار المادة الملونة للصفراء لحل البنموكوك وإبادته. ومنها داء السل والحمى التيفوئيدية التي تجد جراثيمها مرتعاً ملائماً في المادة الملونة للصفراء فتؤدي إلى استفحال الداء على عكس ما يحدث في ذات الرئة والروماتيزم والحمى القرمزية، لذلك يعمد الجسم في دفاعه إلى إنقاص معدل هذه المادة في الدم حين

<<  <  ج:
ص:  >  >>