وفي ٦ من نوفمبر ١٨٦٩ افتتحت القناة، أو الخرافة العظيمة، في موكب حافل مؤلف من ستين مركباً لمختلف الأمم، مقلعة من بورسعيد إلى السويس وهكذا أصبح الطريق ميسراً من أوربا إلى غرب أفريقية
ولقد تبرعت إنجلترا - على غير انتظار - بمبلغ عظيم من المال لتتقدم ذلك الموكب بسفينة عظيمة من سفنها
وقد كتبت التيمس قبل ذلك ببضع سنين تقول: إن هذا المشروع تعترضه مصاعب جمة، وإن إتمامه أمر لا يستطيع أن يتصوره العقل قبل حدوثه. وإذا افترضنا وتمت هذه المعجزة بحال من الأحوال وأصبح مشروع قناة السويس أمراً واقعاً فإننا لا نستطيع إلا أن نعلن أن هذا المشروع يجب أن يكون إنكليزياً قبل كل شيء.
وإذ كانت هذه نظرة الإنجليز للمشروع، وكان هذا مبلغ شكهم في إمكان تحقيقه فإن موقف الفرنسيين أدهى وأمر! فقد اختلسوا من إيطاليا فخر تنفيذه!
إننا نحن الذين أوجدوا المشروع وأذاعوا نبأه في العالم. ولقد كان لنا نصيب وافر في الأحوال التي بذلت في سبيل تنفيذه. وإننا نحن الذين قدموا العمال والصناع للعمل فيه وقمنا بنشر الدعاية اللازمة في الدوائر الاقتصادية المختلفة لمتابعة السير فيه
وكل ما للفرنسيين من الفضل في هذا المشروع هو تقديم المهندس الذي قام بتأسيس القناة وهو المسيو فرديناد دي لسبس الذي كان لحظه صديقاً لسعيد باشا حاكم مصر في ذلك الزمان.
وتظهر قيمة دي لسبس الحقيقية حين هم بإنشاء قناة في بنها مثل قناة السويس وهنا الفضيحة التي لا يجهلها إنسان!
وذلك أن دي لسبس لم يكن له مرشد حينما أراد أن يسير في ذلك الشروع، فلم يكن له سند ولا دليل من الإيطاليين
فقد كان جاتينو جديني الإيطالي هو الذي قام فأثبت خطأ النظرية القائلة بالتفاوت بين ارتفاع سطح المياه، وتجرللي الإيطالي هو الذي قدم تصميم بناء القناة بينما قام بترمو بلوكابا الإيطالي أيضاً بالعمل، وادوادو جوايا الإيطالي الذي قام بالقسط الأوفر في التأسيس، وتوسللي أخيراً الذي دافع عن الفكرة أمام خصومها وأعد حملة من الكتاب والصحفيين