السينية (أشعة إلا في بضعة مليمترات من المادة الصلبة، كما لا تخترق أشعة الراديوم سوى بضعة سنتيمترات مثلاً منها، فإن كتلة من الرصاص يبلغ سمكها متراً لا تحجب سوى نصف الأشعة الكونية. وإنه لا تكفي أحياناً كتلة من الرصاص سمكها حوالي عشرة أمتار لكي تحجب كل جسيمات هذه الأشعة. وسنرى كيف يسجل العلماء على الورق الحساس، مسار جسيمات هذه الأشعة العجيبة بعد اختراقها كل هذه المادة، وكيف ابتكروا جهازاً ينذر بسماع كل جسيم يمر من هذه الجسيمات النافذة والسريعة التي تمطرنا بها السماء والتي لا تمت لعالمنا بشيء
في محاضرة للعالم الشاب بيير أوجيه ألقاها في جماعة العقليين في باريز سنة ١٩٣٤ عن الأشعة الكونية سمعت لانجفان العالم المعروف باكتشاف للأيونات الكبيرة وباكتشافه طريقة لمعرفة أعماق البحار بواسطة الموجات الصوتية، يقول مقدماً (أوجيه):
(إن الأشعة الكونية موضوع الأسرار والعجائب فهي تخترق أجسامنا طُرّا ولا زلنا عاجزين عن أن نعرف مصدرها أو أثرها علينا)
هذا ما يَجْهَرُ به (لانجفان) العالم الكبير؛ وليس ما يجهر به لويس دي بروي (العالم الشاب المعدود اليوم من أكبر أساطين العلماء) في تقدمة كتاب زميلنا (لبرانس رنجيه) متكلما عن الأشعة الكونية بأقل شأناً من ذلك. يقول دي بروي:
(أي ثروة عظيمة امتازت بها العلوم الطبيعية منذ بضعة سنوات، وأي باب هام وجديد في العلوم لا زال يدخر لنا بلا شك مفاجآت أخرى عجيبة ونادرة)
ويكفي، لمعرفة موضوع الأشعة الكونية، أن يذكر القارئ أن المؤتمر الدولي للعلوم الطبيعية الذي انعقد في لوندرة سنة ١٩٣٣، حصر دراسته في ثلاث مسائل:
الأولى: الحالة الصلبة
الثانية: الاكتشافات الحديثة في تهدُّم المادة وتحول العناصر بعضها إلى بعض
الثالثة: الأشعة الكونية.
تختلف طاقة الأشعة الكونية أو النافذة كما قدمنا عن طاقة الأشعة الراديومية. فبينما لا تتجاوز طاقة أشعة الراديوم عشرة ملايين إلكترون فولت. تبلغ طاقة الأشعة الكونية مئات بل ألوف الملايين الإلكترون فولت، وهذه الطاقة تجعلنا في الواقع إزاء ظواهر تختلف