وإنما هو محكوم به.) هذا تعليل الشيخ؛ وإن كنت لم أفهم معنى لتقييد المبتدأ بكونه - في الجملة الاسمية -
فهو يرى أن المبتدأ لا يكون إلا محكوماً عليه والذي نعرفه من كلام النجاة في تعريفهم للمبتدأ أنه يكون محكوماً عليه في مثل: العلم نافع، ويكون غير محكوم عليه في مثل ما نحن بصدده. وهذا هو تعريفهم للمبتدأ:
(المبتدأ هو الاسم العاري عن العوامل اللفظية: مخبراً عنه أو وصفاً رافعاً لمكتفى به)
والمعنى الذي أدركه الشيخ في المثال (وهو أن الوصف قائم مقام الفعل فهو مسند لا مسند إليه ومحكوم به لا محكوم عليه) هذا المعنى الذي يبدو أن الشيخ قد انفرد به لم يهمله النحاة فقد قالوا في شرح التعريف المتقدم ما خلاصته:
ليس معنى اكتفاء الوصف بالمرفوع عن الخبر أنه ذو خبر أغنى المرفوع عنه لأن الوصف هنا لا خبر له أصلاً لقيامه مقام الفعل والفعل لا خبر له
الأمر الثاني: قاعدة وضعها الأستاذ وهي أنه كلما كان هناك مبتدأ كان هناك خبر. ومن الواضح أن هذه القاعدة لم تنشأ إلا من حصر المبتدأ في المحكوم عليه كما فعل الشيخ. وبالنظر في التعريف المتقدم يعرف أن الصواب أن تكون القاعدة هكذا: كلما كان هناك مبتدأ كان هناك خبر أو فاعل يغني عن الخبر. ومعنى أنه مبتدأ في هذه الحالة أنه اسم مجرد من العوامل اللفظية. الأمر الذي استبعده الأستاذ بحجة أنه لا نظير له لأن النحاة لم يسموا الشيء فاعلاً إلا إذا كان فاعلاً في المعنى، وهكذا
ونحن نقول له إن هذا مسلم. وهم كذلك لا يسمون الاسم مبتدأ إلا إذا كان مبتدأ في المعنى أي إلا إذا كان اسماً مجرداً من العوامل اللفظية وهو إما مخبر عنه أو وصف رافع لما يغني عن الخبر وإنما يكون معدوم النظير إذا أنحصر معنى المبتدأ فيما قال الشيخ
والنتيجة التي وصل إليها الأستاذ من تمحيصه لهذه المسألة أن مثل هذا الوصف لا يسمى مبتدأ، بل يسميه الشيخ اسم فاعل أو اسم مفعول لتجرده من العوامل اللفظية. كما استثنوا اسم الفعل مع تجرده من هذه العوامل فلم يسموه مبتدأ. والمعروف أن اسم الفعل إنما استثنى مع تجرده من العوامل لأنه ليس واحداً من النوعين اللذين يكون منهما المبتدأ، لأنه قائم مقام لفظ الفعل على الصحيح؛ وأما على الرأي القائل بأنه قائم مقام معنى الفعل فهو