للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مسألة التصويت على القوانين وفي نيته أن يغدر بهم متى حانت الفرصة

أدرك الضباط لا ريب أنه أجابهم إلى ما طلبوا إذ لم يكن له من ذلك بد، ولذلك أحسوا أنه لا بد متربص بهم فتربصوا هم كذلك به

وكان توفيق من ناحية أخرى يكره رياضاً ويعمل على التخلص منه؛ لذلك وضع نفسه في موضع عجيب حقاً، فبينما هو يكره الضباط ويمقت حركتهم وينتوي المكر بهم إذا به يتخذ منهم أداة للكيد لوزيره بغية إقصائه عن منصبه

وهكذا تشاء الظروف أن يكون رجل كتوفيق هو الذي يحرك دفة الأمور في مثل ذلك الزمن العاصف؛ ولم يكن أمامه كما أسلفنا إلا أن يتخذ سبيله إلى الوطنيين فيتخذ من نواب الأمة سنداً له كما فعل أبوه في أواخر أيامه

ولو أنه فعل ذلك لضعف شأن الحزب العسكري إذ كان يحس الوطنيون أن لا حاجة بهم إلى معونة الضباط، ثم كان الضباط أنفسهم يجدون في وزارة وطنية تحقق رغائبهم ما يطمئن نفوسهم ويكبح في الوقت نفسه جماحهم بطريقة غير

مباشرة

ولكن توفيقاً لم يلجأ إلى ذلك الحل، وما نشك أنه كان يفطن إليه، ولكنه كان يقتضيه أن ينزل عن سلطانه إلى نواب الأمة وهو ما نشك كل الشك في أنه كان يستطيع أن يحمل نفسه عليه، ومن هنا أحدقت به وبمصر الأخطار، هذا فضلاً عن دسائس الأجانب الذين أحكموا شباكهم من مدة لاقتناص الفريسة الغالية في هذه الأيام الكدرة!

وقع حادث قصر النيل في فبراير عام ١٨٨١ م؛ وفي أعقاب الحادث مرت على مصر بضعة أشهر ما نظن أنه مر على البلاد فترة مثلها في كثرة ما حيك فيها من الدسائس على قصر أمدها

سمع الضباط أن أعوان الخديو يغرون بالمال والمناصب بعض رجال الآليات ليكونوا في الوقت الموعود إلى جانب الخديو، ونمى إليهم أن رياضاً يفكر في طرق إجرامية للفتك بهم، ومن ذلك ما علموه من أنه كان يدبر مشاجرة في أحد الشوارع يندس فيها من يقتل عرابياً أو من يحضر من زميليه.

ومما يذكره عرابي في مذكراته أن أحد الغلمان الجركس في منزل عبد العال بك حلمي،

<<  <  ج:
ص:  >  >>