بنيت بالقرب من المقياس أي في الجهة الجنوبية للجزيرة، ونقل الإمام السيوطي في كوكب الروضة في كلامه على جامع الريس المعروف اليوم بزاوية البسطامي نصوصا من التوقيع الذي كتبه الملك المظفر بيبرس الجاشنكير لمنشئه يعلم منها أن هذا المسجد بني موضع برج الطراز أحد أبراج هذه القلعة. وقال ابن دقماق في انتصار بناه الرئيس صدقة على أول برج من أبراج قلعة الروضة. وذكر السيوطي أيضا في كلامه على جامع المقياس المعروف اليوم بجامع عبد الرحمن بن عوف أن الملك الصالح عمره بقلعة الروضة ونرى في المصور الملحق بهذه المقالة أن كلا المسجدين في في الجهة الجنوبية من الجزيرة. وقد ظهر لنا من هذا ومما استخلصناه من أقوال غيرهم من المؤرخين أن هذه القلعة كانت في الثلث الجنوبي للجزيرة آخذة من مقياس النيل في المواضع الشمالية منه إلى زاوية البسطامي الواقعة في موضع برج الطراز أول برج من أبراجها من الشمال وأنها كانت مطلة من الشرق والغرب على فرعي النيل الصغير والكبير، ومما يدل أيضا على إشرافها على النيل من الجانبين قول ابن سعيد الأندلسي في وصفها (وركبت مرة هذا النيل أيام الزيادة مع الصاحب محيي الدين بن ندا وزير الجزيرة وصعدنا إلى جهة الصعيد ثم انحدرنا واستقبلنا هذه الجزيرة وأبراجها تتلألأ والنيل قد انقسم عليها فقلت:
تأمل لحسن الصالحية إذ بدت ... وأبراجها مثل النجوم تلالا
وللقلعة الغراء كالبدر طالعا ... تفرج صدر الماء عنه هلالا
ووافي إليها النيل من بعد غيبة ... كما زار مشغوف يروم وصالا
وعانقها من فرط شوق لحسنها ... فمد يمينا نحوها وشمالا
فانه أبان بتشبيهه ماء النيل بالهلال عن استدارته بطرفها الجنوبي، ثم أبان عن امتداد في جانبيها بتشبيهه بمشوق يعانقها باليمين والشمال وإذا عرفنا ذلك وعرفنا فيما تقدم أن المختار والهودج كانا مطلين على النيل وأن الملك الصالح خربهما ليدخلهما في القلعة كسائر ما خربه من الأماكن، تبين لنا أنهما كانا في الجهة الجنوبية أيضا. والغالب على الظن أنهما كانا على الفرع الكبير للنيل الذي بين الجزيرة والجيزة أي في أحد المواضع الواقعة بين المقياس وجسر عباس لأن المختار أنشئ موضع الصناعة ويستبعد أن تكون الصناعة على الفرع الصغير الشرقي.