ذكر الفرنسيس في كتابهم وصف مصر (ج١٥ ص ٤٥٠و٤٦٥) أنهم أدركوا زمن الاحتلال بقايا قصر بالمقياس ملاصق له من الشرق ومطل على الفرع الشرقي للنيل يعرف بقصر السلطان الملك الصالح نجم الدين ولم يكن باقياً منه وقتئذ غير قاعة كبيرة تتصل بها عدة أماكن أكثرها خرب، وهو بلا ريب من قصور القلعة الصلاحية، ولعل الذي حفظه من الدثور عناية الدول في كل جبل بالمقياس وأبنيته، ولكن يظهر لنا أن الذي أدركوه منه لم يكن من الأبنية الصلاحية القديمة بل كان مما جدده فيه السلطان الغوري من القاعات والمساكن. ومما يذكر عن هذا القصر نزول السلطان سليم العثماني به مدة مقامه بمصر فانه لما تم له فتحها وصفا له الوقت بعد قتل السلطان طومان باي استطاب السكنى بالروضة فانتقل إليها ونزل بالمقياس. قال ابن اياس في حوادث ربيع الثاني من سنة ٩٢٣هـ (وفي يوم الاثنين سادسه أشيع أن ابن عثمان عدى إلى المقياس وكان في ذلك اليوم رياح عاصفة فكاد يغرق، فلما سلم من الغرق أقام بالمقياس ونقل وطاقه إلى الروضة ومصر العتيقة، ثم أن أمراءه طردوا السكان الذين بالروضة وبمصر العتيقة وسكنوا في دورهم فحصل للناس الضرر الشامل بسبب ذلك فأعجبه المقياس فأقام به مدة أيام). ثم إنه أنشأ منظرة من خشب فوق المقياس جعل إقامته بها وهي التي سماها ابن إياس بالقصر فقال عنها في حوادث جمادى الثانية من هذه السنة (وفيه أشيع أن السلطان سليم شاه أنشأ له قصراً من خشب بالمقياس من فوق القصر الذي أنشأه السلطان الغوري فوق بسطة المقياس وصار يجلس به في اليوم الحر وأحضر جماعة من النجارين والبنائين وشرع في بنائه حتى فرغ منه في أيسر مدة). قلنا وفي هذه المنظرة حاول (قانصه العادلي) أحد أمراء الجراكسة قتله انتقاما لطومان باي وقومه ذكر ذلك ابن زنبل الرمال في تاريخ فتح السلطان سليم لمصر فقال معبراً عن هذه المنظرة بالطيارة (فدبر في نفسه أن يلبس مثل العرب ويأخذ معه جماعة من أهل القوة وينزل إلى مركب ليلا ويسير بها تحت المقياس ويجعل له سلم تسليم ويصعد عليه وينزل إلى داخل المقياس ويقتل السلطان سليماً ويأخذ بثأر قومه وما علم أن الحي ما له قاتل ثم إنه فعل ذلك حتى وصل إلى الطيارة التي فوق المقياس وهي محل السلطان فوجد الحراس مستيقظين) الخ وعبر عنها الإسحاقي في تاريخه