قليل من أدبه. بل نرى أن عكس ذلك هو الذي وقع. فقد ذكرنا أن سقراط كان لا يذهب إلى المسرح إلا ليشاهد درامات يوريبيدز، وأنه لم تكن تفوته إحداها قط ولو كلفه ذلك ما ليس يحتمله إلا الأشداء من جهد ومشقة. ثم أين نظرة يوريبيدز إلى المرأة وما كان يجنح إليه في تحليل أخلاقها من عنف وصرامة، من نظر سقراط إليها؟
لقد ألف يويبيدز أكثر من تسعين درامة كانت البطولة في أكثرها للمرأة. وقد ضاع من هذه الدرامات التسعين أكثرها بحيث لم يصلنا إلا تسع عشرة، ومع ذاك فللمرأة البطولة الأولى في معظم هذه الدرامات الباقية. . . ويأتي الرجل في المرتبة الثانية دائما ألاً في عدد قليل منها. . .
لقد كان يوريبيدز يقسو على المرأة في غير هوادة كما قسا عليها في ميديا وكما قسا على فيدرا كما سنرى فيما بعد، فإذا لم يقس عليها عرض لنواحي ضعفها الذي تسميه الأخلاق وفاءً أو حناناً أو حفاظاً وتسمية السيكلوجية ضعفاً أو تلبية لنداء الطبيعة إذا كان هذا الضعف زناً أو مروقاً من ربقة الزوجية.
١ - ففي ميديا تذبح المرأة أخاها وتنثر أشلاءه من أجل لذتها، ثم تغري بنات بلياس بقتل أبيهن من أجل الملك الضائع من زوجها، ثم تذبح ابنيها اشتفاءً - أو تشفياً - من هذا الزوج بعد أن تقتل زوجته الجديدة بالسم حتى تضع حداً لسعادته بعدها.
٢ - وفي هيبوليت تعشق الزوجة ابن زوجها، فإذا أبي واستعصم ضاقت بها الأرض وذهبت لتنتحر، ولكنها تخشى أن يدافع عن نفسه عند أبيه فيفضحها فتزور خطاباً تتهم فيه هيبوليت بأنه راودها بل هم بها بالفعل، ثم تشنق نفسها بعد ذاك.
٣ - وفي ألستيس (٤٣٨ق. م) يصور لنا أدميتوس الملك الأناني الذي يعشق الحياة، حتى إذا كان لابد له من الموت تقدمت زوجته لتفديه فيقبل الفداء، وبذا تموت هي عوضاً عنه ويمضي البطل هرقل بعد ذلك ليعود بالزوجة من الدار الآخرة هيدز. فليس وفاؤها هذا وفاء إنما هو ضعف سيكلوجي لأنه حصل من أجل رجل دنئ أثر أناني
٤ - وفي هكيوبا (٤٢٤ق. م) يعرض لك هذه المرأة العظيمة النبيلة زوجة بريام ملك طروادة بعد إذ حل بها ما حل من هوان وأسر ثم سبي، وكيف تلقي كل ذلك بأجمل الصبر حتى إذا اشتد بها الضيق وذهبت لتعرض شكواها على أجاممنون عظيم الإغريق الذي آثر