نفسه بابنتها كاسندرا، تلك الفتاة النقية التقية التي احتفظت بعذريتها وتسامت بإنسانيتها حتى غدت نبية الطراوديين فيأتي الملك أجاممنون فيؤثر بها نفسه ويرغمها على أن تكون (حظيته!) إشباعاً لشهواته الوضيعة. . . ومع كل ذاك فإن الأم هكيوبا تصبر لهذه المحن، وتتذرع بكل ما في طوقها من تجلد حتى إذا فاضت الكأس وسيقت ابنتها الشجاعة الصابرة بولكسينا إلى حيث يضحي بها فوق قبر أخيل كما طلب رعاع الجيش ثار ثائر هكيوبا ومسختها الآلام فصيرتها كلبةً من وحوش جهنم الخرافية تتضور وتلهث، فهي تسمل عيني بوليسومور وتذبح ابنيه لتثأر لآلامها.
٥ - وفي يون (٤٢٠ق. م) يعرض لك يوريبيدز مشكلة غرام وزنا بين كريزا بطلة الدرامة وأبوللو إله الشمس والموسيقي فقد أحبها الإله وفسق بها قبل أن تخطب على زوجها إجزوتوس فلما أجاءها المخاض خافت الفضيحة فطمأنها الإله الفاسق وأخذ طفلها يون إلى دلفي حيث خبأته وراء ستائر المذبح في سفط به. شالها وبضعة أشياء أخرى. . . وبعد سبع عشرة سنة عاشها إجزوتوس وكريزا من غير ما ولد تمنى الرجل على أبوللو - في دلفى - أن يرزقه وليا يرثه، فقال له: إن أول من تلقاه حينما تخرج من هنا هو ولدك. . . فلما لقي الرجل الشاب يون احتضنه وفرح به، وعجب الشاب لهذا الرجل الذي يناديه كأنه ابنه؛ ثم تلقاه أمه كريزا فيكون بينهما من التشابه والحنان ما يحير الفتى؛ ثم ترى كريزا السفط فتعرفه وتذكر للفتى أنه سفطها وأنها هي التي أحضرته فيه إلى المعبد فيمتحنها الفتى بسؤالها عن محتويات السفط فتذكرها له جميعاً فيعانقها على أنها أمه، فإذا سألها عن أبيه ألهمها أبوللو الجواب الكاذب فتقول إنها كانت قد اتصلت بأجزوتوس في أحد أعياد دلفي فحملت به. . . وإذ هي تقول ذلك إذا بكاهنة المعبد تبرز فجأة وتقول الحق الصراح عن نشأة الغلام وأنه ابن زنا من أبوللو. . . فتضيق الدنيا بالزوجة وتذهب لتنتحر لولا أن يلقاها أحد العبيد فيشير عليها بأن تقتل الغلام فترضى. . . أما يون فإنه يثور ويجدف تجديفاً مضحكاً ضد أبوللو. . وتنتهي الدرامة بأن تتدخل مينرفا في الأمر فتصلح بين الجميع وتهدأ العاصفة ويرضي الكل بالأمر الواقع!
فانظر كيف سخر يوريبيدز من المرأة وكيف استهزأ بالآلهة وفضح أبوللو ومعشوقته ثم أركس مينرفا رمز الحكمة في بؤرة ذاك الضلال!