٦ - وفي النساء الطرواديات (٤١٥ق. م) لم ينشئ مؤامرة ما ولم يحبك عقدة درامية ولكنه صور ضعف الأمهات الطرواديات إذ يذهبن إلى المعسكر الإغريقي يسألن القادة الظافرين أن يأمروا لهن بجثث أبنائهن ليدفنها بدل أن تترك بالعراء تنوشها الذئاب وجوارح الطير ومن غير أن تؤدي لها الفرائض الجنازية. وتنتهي الدرامة بأن يتدخل بعض القادة ممن تأثر بدموع الأمهات فيأمر بالأجساد فتحرق ويعطي التراب المتخلف عنها للأمهات. . . درامة ضعيفة إلا أن يوريبيدز قصد فيها إلى شيئين. . . تصوير ضعف أولئك الأمهات وجبروت الظافرين من جهة، ثم ذم الحرب والدعوة إلى السلام من جهة أخرى، لأنه كان أول مبشر بالسلام عرفه التاريخ إذا استثنينا إخناتون المصري وسنعرض لذلك في الفصول التالية إن شاء الله
٧ - أما في إلكترا (٤١٣ق. م) فيتناول يوريبيدز المأساة المشهورة التي رأينا إسخيلوس يتناولها فيفسر الحوادث، ورأينا سوفوكليس يتناولها فيصور كيف كان ينبغي أن تكون الخاتمة لا كما تم من أمرها. . . لكن يوريبيدز يتناولها على طريقته الخاصة. . . إنه يقصد الناحية السيكلوجية، ولذا فهو لا يبالغ فيصيب أورست بالجنون بعد قتل أمه كما فعل إسخيلوس ولا يبالغ في تحميل العاطفة الإنسانية وإرهاقها بما لا تستطيع من ابتهاج بالقتل وفرح به وحض عليه كما فعل سوفوكليس. . . لا. . . إن يوريبيدز صنع ما صنعه بعده دستوئفسكي الروسي في قصته الجريمة والعقاب باثنين وعشرين قرناً من الزمان. . . إنه جعل أورست يقتل أمه ويده ترتجف بحركة آليه لا إرادة فيها كما قتل روسكلنيكوف اليهودية المرابية العجوز. . . حتى إذا تمت الجريمة عادت إلى نفس الفتى والفتاة مرارة عميقة لا هي من الندم ولا هي مما يشبهه، لكنها مرارة التحسر لكل ما حدث. . . ومرارة التحسر مما اضطرهما إليه سياق الحوادث وتسلسلها
٨ - وفي هيلينا (٤١٢ق. م) يبني يوريبيدز درامته على أساس فكرة المؤرخ ستاسيخورس الذي يزعم أن هيلين التي تسببت في حرب طروادة لم تذهب قط مع باريس إلى هذه المدينة بل ظلت طوال سني الحرب في مصر تعبث بملكها وتلهو به حينما حاول أن يتزوجها رغماً عنها ويقتل جميع الإغريق الذين ينزلون في أرضه. . . وتنتهي حروب طروادة وتضل سفينة منالوس زوج هيلينا طريقها في البحر حيث ترسو على الشاطئ