المصري ويلتقي الزوجان فيعرف أحدهما الآخر ويفران بمساعدة أخت الملك إلى اليونان. ويعيب المؤرخون هذه الدرامة بخروجها مما عودنا يوريبيدز من أدب الواقع إلى أدب الخيال؛ بيد أن في الدرامة من تحليل أخلاق هيلينا، تلك المخلوقة الخلاسية (لأنها ابنة إله وامرأة) اللعوب التي لا تعرف من مبادئ الأخلاق أو الفضيلة عشر معشار ما تؤثر من الحب ومغامرات الهوى؛ في الدرامة من هذا ومن تحليل أخلاق ألكتر ما يغطي ذلك النقص الذي عابه المؤرخون وكم كان ظريفاً من هيلينا أن تعير ألكترا حينما عيرتها هذه بالعهر والالتواء الأخلاقي بأنها غير جميلة، ولو كانت كذلك وواتتها الفرص لما أمتنعت من إتيان أضعاف ما أتته هيلينا؟!
٩ - أما إفجينا في أوليس فهي درامة عجيبة لأنها من هذا النوع الشاكسبيري الجميل الذي تمتزج فيه المأساة بالملهاة؛ والدموع الحرار بالضحك الكثير. . ويقال إن يوريبيدز ليس مؤلفها بل تركها غير كاملة فأتمها شاعر آخر قد يكون ابنه الذي أشرنا إليه في كلمتنا الأولى. . . والحقيقة أن في هذه الدرامة من الفن الجديد ما لم يعرفه يوريبيدز وما لم يعرفه المسرح إلا في عصر شاكسبير. . . وإفجينا هي تلك الفتاة ابنة الملك أجاممنون قائد الحملة على طروادة والتي تنبأ الكاهن كالخاس بضرورة ذبحها قرباناً لآلهة الريح ليتحرك الأسطول. . . يزوّر أجاممنون رسالة إلى زوجته كليتمنسترا كي ترسل ابنتها للاحتفال بعقد قرانها على البطل أخيل فتذهب الأم مع ابنتها وتلقي أخيلاً بما يليق في مثل هذه الحال من الترحيب وتناديه بخطيب ابنتها فيدهش أخيل لأنه خالي الذهن من كل ما دبر، وينقلب الموقف إلى التضحيك على أخيل فيثور، ثم يعرف الحقيقة ويأتي عبد فيخبر الملكة أن ابنتها ستذبح قرباناً لآلهة الريح فتحزن الأم وتبكي الفتاة ويقسم أخيل أن يحميها من هذه الفعلة. . . ثم يعلم الجنود أن أخيلاً هو الذي يحول بين سفرهم وبين ذبح القربان فيثورون ويهجم رجال (الميرميدون) عليه يحصبونه حتى ليوشكوا أن يقتلوه. . . وهنا تتقدم الفتاة فتحميه وتهب نفسها ضحية كريمة من أجل أخيل الذي تفضل روحه أرواح عشرة آلاف فتاة مثل إفجنيا ولأنه خرج مغازياً في سبيل هيلاس. . . وتودع الفتاة أمها ثم تخرج بسامة راضية. . . وهنا يدخل رسول فجأة حاملاً بشرى طيبة. . . لقد أنقذت ديانا الفتاة إفجنيا وطارت بها إلى بلاد البربر. . .