ليبتسم من يشاء لهذه القصة من الشبيبة المثقفة الحالمة بتربع دسوت الوزارات والتهافت على باطل الأمجاد وكاذبات الاماني، المحتقرة لكل عمل لا تدور به عناصر التحكم بالناس والترفع عن كل حرفة، فإن من هذه الشبيبة فئة علمتها عثرات الآمال أن تعتمد على نفسها وتنطلق في ميادين الأعمال الحرة من أي نوع كانت، وهذه الفئة تباهي بالإكساف الوضيع الذي عرف أن يجعل السيدة الأولى في أعظم الأمم ثروة وعدداً وجهداً تشهد بفضله وتثني عليه لأنه ابتكر طريقة تريح الناس من عناء تحملوه عبثاً حتى كشف سره وهو لا يحمل شهادة الفلسفة بل لعله أميٌّ لا يعرف من العلم شيئاً
ليس من عمل حقير في العالم إلا العمل الذي تديره يدٌ متواكلة بتفكير حقير. . .
إن من حرفة الكناسة مجالاً للعبقرية، كما أن في مهمة إدارة الأمم مجالاً للحماقة والغرور. ولو أن كل فرد في هذه الأمة اتجه إلى إتقان عمله باذلاً فيه كل جهده لبدت طلائع الرقي بين الطبقات الوضيعة قبل أن تبدو بين الطبقات العليا.
إن حياة الأمم تبدأ بانتباهه الفرد ونشوء فكرة التضامن بين جماعاته الصغرى. فلو عملت الفئة الناهضة المثقفة في هذه البلاد على إثارة هاتين القوتين في المزارع والقرى الصغيرة لقضت على التواكل والخمول ولرأينا بدلاً من الشعب الذي يتوقع من حكومته كل شيء، شعباً واثقاً من نفسه يقيم كل شيء على سواعده
أما يكفي الأمة لتحيا أن يكون حاكموها منها ولها وإن يعدل القضاء بين أفرادها؟
- ٢ -
كلمة قد تجيء ثقيلة على بعض الاسماع، وقد يتلقاها من توجه إليه بالصمت والتبرم ولكنها كلمةٌ حقَّ الجهر بها علينا لأننا اعتقدناها حقاً
لقد كثر عدد الكتاب والشعراء الذين يملكون البيان الصحيح ولكن قل بينهم من ينطق بهذا البيان بلهجة العربية الأصلية محررة من كل لكنة دخيلة أو رطانة أجنبية
وان نحن أردنا تصنيف اللهجات التي تصدها فصاحة اللغة وتتململ منها مقاطعها وحروفها وحركاتها وسكناتها أمكننا أن نردها إلى أصلين: اللهجات التي أدخلتها العامية على الفصحى، فمنها ما حولت الجيم إلى جيم إفرنجية تتنافر وسائر الحروف الحلقية، والألف إلى ألف فارسية تخرج مفخمة من الخياشم كان عليها (أكسانسير كونفلكس) مزدوجة، ومنها