لائحة جديدة تجعل منه مجلساً نيابياً يلائم حال البلاد؛ وبعد معارضة شديدة وافق عرابي على ذلك.
ثم تدخل عرابي في مسألة أخرى وهي الميزانية المخصصة لإبلاغ الجيش ثمانية عشر ألفاً من الجند، فلقد أبدت المراقبة المالية عدم موافقتها على المبلغ اللازم كله، وبعد أخذ ورد وافق عرابي على ما تيسر دفعه من هذا المبلغ على أن يقوم بتوفير الباقي من وجوه أخرى.
لقد قطع عرابي على نفسه عهداً كما أسلفنا ألا يتدخل في شؤون الحكومة القائمة وعلى هذا الأساس قبل شريف رياسة الوزارة؛ لذلك نرى أن تدخل عرابي في الأمور التي ذكرناها يوجب ملامته ولن يَشفع له أنه كان يطلب الخير ولن يخفف من اللوم عليه أنه رضى آخر الأمر ولم يسبب للحكومة عنتاً، فهذه الأمور من اختصاص الحكومة وهي لن تمس كما نرى جوهر قضية البلاد.
لم ين أعداء هذه الحركة الوليدة عن مناوئتها في مصر وخارج مصر؛ والى هذه المناوئة يرجع سبب جموح هذه الحركة والتوائها على شريف ثم خروجها آخر الأمر من يده، ولو أنه قدر لمصر في تلك الأيام العصيبة أن آزر الخديو كبير وزرائه ضد الدسائس التي كانت تحاك للبلاد لأمكن شريف أن يسير بالسفينة إلى شاطئ السلامة، ولكن الخديو وا أسفاه لم يكتف بعدم المؤازرة بل لقد التجأ إلى الأجانب فكان هذا العمل من جانبه أقوى مساعد على نجاح سياستهم. . .
وكان أوكلند كلفن العضو الإنجليزي في لجنة المراقبة المالية، وإدوارد مالت قنصل إنجلترا في مصر هما اللذان يحكمان الشباك حول الخديو، ولقد كانت لهما سياسة ماهرة غادرة تدور على أسس أحكم وضعها أولهما وفق ما تعلم في الهند؛ فهما يظهران الولاء عند الخديو فيدسان له بذلك السم في الملق، ثم هما يخوفانه أبداً من تركيا والعرابيين جميعاً فيذران قلبه هواءاً، وهما بعد ذلك يضللان الرأي العام في بلادهما ويرسلان التقارير السرية بما يجب أن يتبع إلى وزير الخارجية.
وكانت وسيلتهما في تضليل ذلك الرأي العام؛ السيطرة على الصحف بالسيطرة على مراسليها، وكان كلفن نفسه مراسلاً لإحدى الصحف الهامة، وكان مراسل التيمس يعتمد