التحكم في صوته فيتلاعب به كيف يشاء - كما هو الحال في البلاد الشرقية إلى الآن - وكما هو الحال مع المقرئين المبصرين والمكفوفين!
قلنا إن الآلات الوترية هي أحدث أنواع الآلات الثلاثة، فأقدمها هي آلات النقر ومنها القضبان المصفقة، والأذرع المصفقة، والأرجل المصفقة، والألواح المصفقة، والرؤوس المصفقة والأجراس والجلاجل، والشخاليل، والطبول، والستروم المنحني والناقوسي. وتلى آلات النقر أو الآلات الإيقاعية آلات النفخ كالناي والمزمار والنفير والفليدت الخ. . .
أما الآلات الوترية فمنها العود، والقانون، والكمان، والبيانو وقد استعاضت به أوربا في القرن السابع عشر عن العود لموافقته لموسيقاها وتلاحينها. . .
فإذن كان طبيعياً ألا نرى في النقوش القديمة التي عثرنا عليها إلا الآلات الإيقاعية وآلات النفخ وآلة وترية وحيدة هي الصنج؛ وليس معنى هذا أنه لم يعثر على آلات وترية غير الجنك وإنما المسألة مسألة زمنية طبيعية. . .
فالإنسان القديم لم يستعمل إلا تلك الآلات التي خلقها الله له في جسمه فاستعمل فمه في الغناء، ويده في التصفيق ورجله في الضرب على الأرض (وللآن تستعمل الرجل لضبط الوحدة) ثم تدرج شيئاً فشيئاً حتى وفق إلى صنع القضبان والأذرع والأرجل والألواح المصفقة وكان يصنعها من الخشب أو العظم أو العاج كما يتضح من الأشكال (٤، ٥، ٦) أما الأجراس فكان يصنعها من البرنز على شكل البيضة، والشخاليل كان يصنعها من الخيزران المجدول على شكل الكمثرى (شكل ٧، ٨).
أما الستروم بأنواعه فهو نوع من الأجراس كان يستعمل للعبادة، وهو عبارة عن قضب منحن تخترقه أسلاك تلتوي من نهايتها في اتجاه عكسي سهلة الحركة تصطدم نهايات أسلاكها بجدران القضيب كلما حركه الإنسان (ش ٩، ١٠) وكان استعماله مقصوراً على النساء (كهنة هاتور) وبعض الملوك.
وقد وصفنا من آلات النفخ القديمة (الناي). أما الزمارة المزدوجة (ش ١١) فهي عبارة عن قصبة من الخشب تستعمل دائماً مزدوجة، وتعزف بها السبابة والوسطى؛ أما الخنصر والبنصر فتسندان الآلة من الخلف، والإبهام تسندها من الأمام. ولا تزال هذه الآلة تستعمل في ريف مصر إلى الآن.