لم يَرُق الكلبَ لون زهرة ولا عطرها ولا حريرها كما تروقه وتعجبه القاذورات. . .
ومما تعجبت له أنه رفع رجله خوف البلل؛ ثم مد فاه إلى القاذورات. . . تناقض عجيب! وكذلك نرى بعض الناس ينجسون أقدس ما فيهم وأحقه بالطهارة، ويطهرون ما لو تنجس لم يضرهم شيئاً. . .
إنهم كلاب في أفواههم وأحشائهم. . . ولكنهم يتطهرون في أذنابهم وأرجلهم. . . لن يرفعهم شيئاً ن أقدامهم طاهرة، ما دامت رؤوسهم نجسة دنسة. . .
٩ - غضب البلابل
رأيت بلبلين في عراك على أنثى. . . وكانا في غضبهما عنيفين يخرجان صوتاً أجش خشناً، ولا تبدو عليهما تلك الشاعرية التي تكون وقت الإنشاد والتغريد. . . ويل للفنان من غضبه!
ويظهر لي أن أحدهما مسكين فريد يريد أن يأخذ أنثى الآخر، فهو يلحقها ويغريها باللحاق به. لقد جاء الغروب، ولم يسمع صوتاً يناديه إلى العش ويعبث بمنقاره في طوقه. . . هو يريد أن يسكب في أذنيها تغريده الضائع، ويسمعها غزل قلبه حين يرى فتنة الأزهار
والأنثى واقفة تشهد الصراع بدون اشتراك فيه. لماذا لا تهجم على الواغل في حياتها الزوجية فتضع حداً للطمع والأغراء؟ يظهر أنها مبلبلة الخاطر زائغة العين. . .
الأنثى دائماً هي كبرى مشاكل الطبيعة عند كل فنان.
١٠ - غزل الضفادع
أسمع في الليل زمراً من الضفادع في الغدران والسواقي تبدي كل فنها وقدرتها في إخراج أصواتها. سكون مطلق يصدعه ضجيج منكر. في كل مكان فيه ماء حنجرة تصرخ في زفير وشهيق منكرين. مقطع صوتي واحد يتردد دائماً في الظلام. علمت صوتاً واحداً ففرحت به وجعلت تغني به دائماً كما يغني الإنسان صاحب البيان للمرأة والدينار. . .
لذات خفية في ضمائر الخلائق! لماذا كل هذا الجهد يا بنات الماء؟ أكل هذا غزل وقصائد حب في مطارح عشق تحت الظلام؟