يثر واحد منهم كامناً في نفس (م) فكانت تطالع ما ينشرونه ثم لا تلبث أن ترمي الصحيفة جانباً ثم يتملكها شعور هو أقرب إلى النفور منه إلى سواه. حتى كانت تلك الليلة السعيدة التي وقع نظرها فيها على مقال (سمير النجوم) في الحياة والحب والجمال فتنفست الصعداء وبرقت أسارير وجهها وخفق قلبها خفقة غريبة لم تستطع (م) تأويلها إلا بأنها عثرت على من تريد أن تحب.
والمجلة التي نشرت مقال (سمير النجوم) أسبوعية كانت (م) تشتريها صباح كل أحد من بائع الجرائد المجاور لدارها أما اليوم فقد كتبت إلى إدارة المجلة ترجو أن تعدها مشتركة في ثلاث نسخ أرسلت بدل الاشتراك السنوي عنها سلفاً.
وكان نهار الأحد التالي فصدرت المجلة، ويا لحزن (م)! فهي بعد انتظار أسبوع كامل كان أطول من عام لم تقرأ شيئاً لـ (سمير النجوم) ويا لوحشة القلب!
(أريد أن أحب) وحي أخذ يتجسم مفعوله في نفس (م) يوما فيوما باعثاً الأمل في أعماقها؛ وفي الأسبوع الرابع قرأت ودمع الفرح تترقرق في أجفانها مقالاً ثانياً لسمير النجوم عنوانه (السعادة، الزواج والمال) فكان له أثر عميق في نفس (م) فأعادت قراءته ثانية وثالثة ورابعة حتى أوشكت أن تحفظه عن ظهر قلب.
وفي الأسبوع التالي نشر (سمير النجوم) قصيدة في ٢١ بيتاً بعنوان (قلبي. .) كل بيت من أبياتها يسيل رقة وجمالاً، فكررتها (م) حتى حفظتها كلها وراحت تتغنى بها صباح مساء.
وظلت (م) تتعقب آثار (سمير النجوم) عشيقها؛ مثلها الأعلى، معبودها، فتلتهمها التهاماً ولا تقرأ سواها. وفي أحد الأيام فكرت حقاً في الأمر وارتأت أن عليها أن تعمل عملاً جازماً في هذا الشأن فتقول لسمير النجوم وجهاً لوجه (أني احبك. . احبك إيه الكاتب القدير. . احبك أيها الفتى الجميل. .) فكيف تصل إلى ذلك؟ وأجهدت فكرها وإذا بوحي الحب يهبط فيلهمها أن تدعو (سمير النجوم)(برسالة تبعثها إليه بواسطة المجلة) لتناول الشاي لديها في مساء الثلاثاء القادم. ما أبدعها فكرة مصيبة سهلة التنفيذ.!
وفي هدوء الليل جلست إلى مكتبها تحبر الدعوة إلى سمير النجوم وكان القلم يرتجف بين أناملها فتكتب وتشطب وتمزق ثم تكتب وتشطب وتمزق ثم تعود فتكتب وتشطب وتمزق. .
هذه كلمة خشنة. . هذه جملة مفككة. . هذا تعبير غير صحيح. . وأخيراً استقرت على أن