للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصنوف الحرمان والتعذيب الروحانيين أو البدنيين يستلزمان من الصبر والعزيمة والقوة والمجالدة والإعراض عن مباهج الدنيا ما لا تطيق المرأة الخفيفة الرقيقة أن تحمله.

فهي بين التحفظ الذي أنشأه عندها الضعف، وبين هذا الضعف الجديد إزاء الحالة العبقرية الطارئة في ضعفين يثقل معهما التكليف بالفن أو يكاد يتعذر، فلا هي قادرة أن تكشف عن روحها فإذا فعلت فإنها عاجزة عن المضي في حياتها وهي روح عادية.

فإذا لحظنا أنه قد شاعت بين النساء أزياء تكشف عما لزمت المرأة تحجيبه عن الأعين دهوراً من الخجل والخفر، وإذا لحظنا إلى جانب هذا أنه لما تذع بين النساء الصراحة حتى اليوم ولما يرج بينهن الصدق، وأنهن ما يزلن يفضلن من يزوق لهن القول ومن يزيف عليهن الحق حتى بعلمهن، إذا لحظنا هذا وذاك أدركنا أن المرأة تعتقد بإيمان كامن في نفسها أن جسمها خير من روحها، وأنها لو أظهرت من جسمها ما أظهرت فأنها لن تصيب الأعين بالقذى، على العكس من روحها التي تدثرها بالغموض والتحفظ خشية أن تحسب عليها خلجات نفسها.

فلماذا تفعل المرأة هذا؟

أفي نفسها شر مرعب مخيف تتقي أن ينفضح؟!

لا أحسب هذا، وقد يكون كل ما في الأمر أن المرأة متحفظة وأنها تحب ألا تعلن إلا ما يسر الرجل، ولما كانت تربط حياتها بحياة رجل واحد إما أن يكون في الغيب فهي لا تدري ما الذي يعجبه وما الذي يغضبه، وهي لهذا تئد النزوع الفني في نفسها حتى لا ينفر منها أحد، وحتى يقبل عليها كل من يريد أن يتعرف بها فعندئذ تريه ما يرضيه هو لا ما يرضيها هي، وإما أن يكون تحت سمعها وبصرها، فهي تسقيه من خمرها ما طاب له لا ما اعتصرته من نفسها

هذه هي حال المرأة الضعيفة المتحفظة

ويشبه هذا حالها في تأنقها واصطناعها الزينة وفنون التجمل فهذا التأنق ينساب من بدنها إلى روحها، والتأنق لا يخلو من التعمل والتكلف، وهما يباعدان ما بينها وبين الفن الصادق الصحيح إذا أحبت أن تدنو من الفن. والأناقة - كما هو معلوم - لها أزياء تتشكل وتتطور على مر الزمن، وهي تخضع في تشكلها وتطورها للذوق العام الذي تدنيه بين الناس

<<  <  ج:
ص:  >  >>