حديث الله له. . . وإلا كان أكبر مجرم ظالم كاذب والكاذب لا يستطيع أن يبني بيتاً كما يقول (كارليل) فلا يستطيع أن يبني أمة. . . (ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً، أو قال: أوحى إلي ولم يوح إليه شيء. . .)
تلك هي النبوة أوقن بها كما أوقن بسنن الطبيعة المطردة وأنتزع حججها من صميم النفس الإنسانية منطقها ووجدانها وأحاسيسها. فكما أومن بأن الشمس يجب أن تظهر للنبات والحيوان لكي تعطيهما وجودهما الجسماني أؤمن بأن الله أظهر للإنسان جانباً من نوره حتى يأخذ وجوده الروحي، وذلك كان في أول النشأة ودور الطفولة البشرية
إننا الآن نرضى بصمت الطبيعة المطبق اتكالاً على أن الله كلم بعض أفراد النوع في الزمان القديم. وأنا شخصياً أظن أنني ما كنت لأؤمن بفكرة ثابتة عن الله لو لم أوقن بأن الله كلم محمداً ومن حكى عنهم محمد من الأنبياء. . . وكأني أحس أن الله كلمني شخصياً حين كلم بعض أفراد نوعي. . .
أجل! كيف أثبت على الإيمان به دائماً مادام هو لم يأبه لي ولا لنوعي؟ أمن المعقول أن ينظر الإنسان إلى الله دائماً ولا يبالي هو به؟
إن الله رحمة. . . إن الله محبة. . . إن الله كرم. . . إن الله جمال. . . كما تثبت ذلك صناعته في الخليقة فلا يجوز أن يكون قاسياً متكبراً على الإنسان خليفة الأرض إلى هذا الحد!
إننا الآن في زمن رشد عقلي يلوح لنا أننا نستطيع أن نستقل بعقولنا في الاهتداء إلى الله وإلى الخير. ولكن يجب أن نتذكر حالة النشأة والطفولة التي كنا عليها. . . حين كنا نعيش بالأوهام والأحلام ونرى الكون أمامنا كتلة مبهمة ومجموعة ألغاز ومعميات وأحاج. . . حين كنا نعبد الحجر والبقر والجعلان والخنفسان. . . حين كان العالم مملوءاً أمامنا بالأشباح التي تملأ الهواء والنار والسحاب والبحار. فهل كانت غاية خلق الإنسان متحققة في تلك الدهور والأحقاب بالعقل الإنساني على بساطته؟ ومادامت غاية خلق الإنسان كما يحتمها العقل هي معرفة الخالق وعبادته فلا بد أن تتحقق دائماً وقصور عقل الإنسان في الماضي ما كان يسمح بتحققها فلا بد أن يتولى الله إرشاده عن طريق الاتصال ببعض أفراده