الوسطى وجزر المحيط والصين والهند واليابان يدينون بالقوى السحرية وعبادة الحيوان. فأين رشد الإنسان المزعوم؟
ولكن مع تسليمنا بذلك نقول إن التبعية ملقاة على عاتق الأمم المتعبدة بالروح السامية، وإنه لتقصير فظيع منها أن تترك بعض أفراد الأسرة الإنسانية هكذا ضائعين من الحياة. ولو كان الاستعمار يحمل غاية روحية سامية لجعل همه الأول هدم الوثنية وتعميم فكرة الوحدة الإلهية. وقد وكل الله الشعب الأصغر القاصر إلى الشعب الأكبر الراشد، كما يحدث من توكيل الأب للابن البكر في الأسرة الواحدة. . . فإذا لم يراع الأكبر حسن الرعاية والإرشاد كان اللوم كله منصباً عليه. وستعلم الشعوب المتحكمة العاشقة للمادة وحدها كم ستكون تبعتها ثقيلة باهظة، وجناياتها كبيرة غليظة، بتركها نفوس الزنوج وسكان الجزر النائية في المحيطات وكل الأمم الوثنية من غير حمل لها بالقوة على ترك عبادة الأوثان وعلى سمو الحياة الروحية
لقد صارت الأرض كقطر واحد بفضل الكشوف الجغرافية وأدوات الاتصال العلمية وسرعة الانتقال، فكان من الواجب أن يتلاقى البشر على معان قريبة في الدين، ولكن المادية الحالية هي الحائل وهي الشاغل. . . وعلى أية حال لن تعمر الوثنية طويلاً بعد الآن
كانت الأمة من الأمم السابقة تحتاج إلى رسول معين يرشدها في حياتها الروحية نظراً للقصور العام، ولكن ميراث الرسل المتروك والملخص في رسالة محمد يستطيع أن يخرج رسلاً عديدين ينقذون الخاضعين للسحر الأسود والوثنية الصفراء وغيرهما. . . ولعلها رسالة مدخرة لأبناء محمد حين يتم نضجهم وكمالهم بعد يقظتهم الثانية هذه. فإنه ليس هناك كتاب دين حارب الوثنية وأبغضها وحطمها وناقشها من جميع وجوهها كما فعل القرآن. وليس هناك؟ أمة أفهمها كتابها أنها منتدبة لحماية عقائد البشر من الوثنية وغوائل الروح كالأمة الإسلامية (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)
ويمكن لأي فرد الآن أن يعلم من حقائق الدين وحقائق الطبيعة ما كان يختص بعلمه الكهنة والأوصياء في الزمان القديم. ويخيل إلي أن مجهود النبوات كلها كان موجها إلى تفهيم