الطير مزهواً بتاجه الجميل ومنقاره الطويل وألوانه المتلألئة الحسناء. . . ولما كان بيثتيروس مواطناً منبوذاً من قومه الأثينيين فقد اعتزم الرحلة إلى مملكة الطير ليجرب فيها حظه غير مستعين بأحد إلا بنفسه وزميله المغفل المطواع إيولبيدز. . . هذا وقد كان بيثتيروس رجلاً مقداماً مقاحماً قوي الجدل حاضر البرهان نافذ الحجة لا يعيبه أن يقنع محدثه بالشيء وضده في وقت معاً. وكان يرى الرأي فيصيب به الحقيقة دائماً ولذلك كان قلما يرضيه تصرف الآخرين خصوصاً في شئون الحكم
أما إيبوبس الهدهد ملك الطير، أو تيريوس ملك تراقيا في سالف العصر والأوان، فملك عادل محبوب من رعيته المخلصة له، وهي رعية بُدائية ما تزال تحبو في أول مدارج المدنية، ولذلك فهو دائب على النهوض بها وإصلاح حالها، ولذلك أيضاً يرحب دائماً بكل من يرد عليه من رعايا الدول المتمدينة الأخرى. . . وقد أكرم مثوى بيثتيروس لهذا السبب، واستطاع بيثتيروس أن يقنعه بوجهة نظره في تكوين دولة تحت سيطرته بحيث ينضوي تحت لوائها البشر، وما كادت رعية الطير تسمع بهذا حتى ثارت ثائرتها وهددت الملك بالتمرد وإضرام نار الفتنة، للضغينة القديمة بينها وبين بني آدم ولعدم ثقتها فيهم من قديم الزمان. وقد همت الطير بالفتنة فعلاً، ولكن بيتيروس ألقى فيهن خطبة طنانة رنانة ساد بها الموقف وأنقذ بها مشروعه من الفشل
وأنشئت الدولة برياسة ملك الطير، وأقامت الرعية المتاريس على الطريق إلى مملكة السماء، فانقطعت السبل بين الآلهة وبين الأرض، ولم تقو أرباب الأولمب على إخضاع الطير فاضطرت أن ترسل سعارة من نبتيون إله البحار وهرقل الحديدي إله الرياضة وتريبول الإله البربري الجاهل التمتام التفتاف (!) وقد اضطرت الآلهة إلى إرسال هذه السفارة بعد قبض الطير على إيريس (قوس قزح) مبعوثه حيرا وجاسوستها حين اجتازت بغير حق المتراس الفاصل بين مملكة الطير وطريق الآلهة إلى السماء. . . وقبل أن يصل أعضاء السفارة تنزل الإله برومثيوس - حامي البشرية ونصير الإنسان - مختالاً تحت مظلة كبيرة بين سمع زيوس كبير الآلهة وبصره، ليؤيد بيثتيروس بحجته وليمنحه البركة والتوفيق في مجادلته سفراء السماء. . . وقد استطاع بيثتيروس أن يخدع هرقل بأكلة شهية أعدها له فضمه إلى جانبه، وكان هرقل يسيطر على صاحبه تريبول الجاهل البربري