التفتاف، وبذلك أصبحت الأغلبية في جانب بيثتيروس، وغلب نبتيون على أمره، وعقدت معاهدة بين الفريقين فاز فيها بيثتيروس بأقصى ما كان يصبو إليه من تفوق وسيطرة، فقد رضى سيد الأولمب - زيوس الكبير المتعال! - أن ينزل طائعاً مختاراً عن صولجان ملك الدنيا (الأرض) إلى الأبد لأيبوبس الهدهد ملك الطير كما قبل أن يزوج ابنته الخالدة الفتانة (باسيليا) لبيثتيروس
وفي الكوميديا شخصيات مضحكة أخرى لا يتسع هذا الملخص السريع لعرضها وأهم ما يلفت النظر تعقيباً على ملهاة الطير هو روح الإلحاد والسخرية بالآلهة الشائعين فيها، وهو روح عجيب يدلنا على ما بلغته أثينا من الحرية الفكرية والتحلل من ربقة دينها الأسطوري بحيث لم يتحرج أرستوفان من الشعبذة على أرباب الأولمب إلى هذا الحد المضحك
ثم فرغ أرستوفان لفخر شعراء الدرام، بل لفخر أثينا القديمة، يوريبيدز العظيم، فنال منه ما لم ينل منه شيء آخر، وشعبذ عليه شعبذات أضحكت خصومه حيث ألف فيه ملهاته الفاجرة الشنيعة ال أو محاكمة يوريبيدز كما يسميها المتأخرون والاسم مشتق من (ثسموفوريا) وهو عيد من أعياد اليونان القديمة كانت السيدات يقمنه في أكتوبر من كل سنة تقديساً لربة الزراعة والمدنية سيرس (أودمتير)، ولم يكن يسمح للرجال ولا للذكور بوجه عام في حضوره. . . وقد ألفها سنة ٤١١ أي في نفس السنة التي ألف فيها الليسيستراتا، ولذلك جاء فيها أثر من سابقتها. . .
نمى إلى يوريبيدز أن الأثينيات المحتفلات بعيد سيرس في ال (تسموفوريا) سيثرن قضيته معهن لطول ما شن عليهن الغارة في دراماته ولجرأته على الجنس اللطيف بإبرازه على المسرح، وتناول ما لم يكن ينبغي تناوله من أسراره أمام الناس. وخوضه في شئون الحب والعشق والغرام المحرم من غير ما تورع ولا استحياء ولا مراعاة للعرف، ولا إبقاء على سنن السلف الصالح. وبلغه أيضاً أنهن سيصدرن عليه حكماً صارماً عسى أن يكون له فيه مرتدع. . . خاف يوريبيدز واشتدت خشيته ووقع في حيص بيص (!!)، ولم يدر ماذا يصنع؛ ثم بدا له أن يستعين بشاعر مخنث (!!) جميل الطلعة مشرق المحيا يمكن أن يتنكر في زي النساء ويذهب إلى الـ (ثسموفوريا) ويختلط بالنساء حتى إذا شرعن في فحص قضية يوريبيدز تولى هو الدفاع عنه بكل ما أوتي من ذلاقة ورشاقة وبيان. . . لكن