للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشاعر أجاثون يرفض ما يعرضه عليه يوريبيدز من وجوه الإغراء والإغواء فيضرب يوريبيدز أخماساً لأسداس، ثم يبدو له فجأة أن يذهب إلى والد زوجته (حَمئه) - منسيلوخوس - فيرجوه أن يتنكر هو في زي امرأة ثم ينطلق إلى مكان الاحتفال فيتولى الدفاع عن زوج ابنته وإلا وقعت الواقعة وحاقت به البلايا. . . ويقبل حموه، ثم يذهب إلى ال (ثسموفوريا) وما يكاد يتكلم حتى يشك النساء في أمره، حتى إذا تضاعف ريبهن هجمن عليه واكتشفن أنه رجل وأنه حمو يوريبيدز. . . ويسقط في يد الرجل، ويهرب منهن لائذاً بالمذبح، حتى إذا ضيقن عليه الخناق وأوشكن يبطشن به انقض على أحد أطفالهن فاحتمله بكلتا يديه وراح يهددهن بقتل الغلام إذا مسسنه بسوء. . . ويختلط حابل النساء بنابلهن، ثم يكتشفن أن الذي يحمله الرجل ليس غلاماً، بل هو دن خمر مغطى بثوب، فيثرن من جديد ويوشكن أن يوقعن به. . . وهنا يظهر يوريبيدز نفسه ولكن متنكراً في أشكال شتى، فتارة يبدو كأنه منالوس حينما يكتشف أمر زوجته هيلين في مصر؛ ثم يبدو في صورة الفتاة إيخو (الصدى) وهي تساعد الفتاة أندروميدا المصفدة في حيد الجبل. . . ويبدو مرة ثالثة في شكل برسيوس وهو يفك أصفاد أندروميدا. . . ثم يفلح يوريبيدز آخر الأمر في إطلاق سراح حمئه بعد أن نجح النساء في تصفيده في قفص المجرمين، وذلك باتخاذه صورة قوٌادة (هكذا!!) وذهابه مباشرة إلى الضابط الذي عهد إليه بالرجل ليحرسه. . . وتأخذ القوادة في الرقص وهز الردف والأثداء والابتسامات الخليعة الفاجرة حتى تزلزل فؤاد الضابط وتغويه فيطلق سراح منسيلوخوس

هذه هي الكوميديا الشائنة التي طعن بها أرستوفان خصمه العظيم يوريبيدز، وقد حاول فيها استعمال طرائق شاعر الدرام الكبير ووسائله في التعبير والأداء. وقد استطاع بها أن يثير حنق يوريبيدز وأن يحيل بقاءه في أثينا إلى مرارة وتلدد وبرم بالناس وبالحياة. . . وقد ألف أرستوفان في خصمه غير هذه الملهاة شيئاً كثيراً ضاع أكثره لحسن حظ الأدب - أو لسوئه، لا ندري! - فلما مات يوريبيدز سنة ٤٠٦ ق. م، ألف أرستوفان ملهاته الخالدة (الضفدع) سنة ٤٠٥ التي تسمو إلى أفق (الطير) والتي عرض فيها ألواناً جديدة من الخيال وجمال التصور، وأطلق (لتفنٌنه!) عنانه، فاستحق التخليد برغم رجعيته وجهله أحياناً. . . وقد سبق أرستوفان في هذه الملهاة إلى ابتكار النقد الأدبي المبني على القواعد والقوانين،

<<  <  ج:
ص:  >  >>